هل العودة عن المرسومين تدشين للتوظيف المباشر؟

هل العودة عن المرسومين تدشين للتوظيف المباشر؟
الجمعة 29 يناير 2016 - 10:50

يبدو أن مسالة الأساتذة المتدربين اتخذت منحى خطير ، وابتعدت كثيرا عن الطرق والسبل الكفيلة لإيجاد حل مرضي للجميع . وقبل الشروع في مناقشة الموضوع من جميع الجوانب لابد من بعض التوضيحات الضرورية حول طبيعة المشكل.

أولا: لا يجب أن تتم المساواة بين الطرفين في المشكل أي بين الدولة ممثلة بالحكومة والوزارة الوصية وبين الاساتذةالمتدربين ولو كانت مطالبهم شرعية فلا يمكن أن تكون على حساب القانون والنظام العام ولا يجب أن تتجاوز المطالب دائرة التكوين والمنحة والإدماج .

ثانيا :تجاوز سقف المطالب للمشاكل الخاصة بالأساتذة المتدربين يطرح مجموعة من الاسئلة فبعض المطالب يمكن القول بأنها مطالب سياسية هيكلية تخص التوجهات العامة أو تخص الحكومة بحد ذاتها مما يجعل الطلبة الأساتذة مجرد واجهة لجهات عدة تريد الركوب على القضية مما قد يسقط حقهم في أي تسوية ممكنة .

ثالثا:التزام الحكومة بالحوار وبتوظيف جميع الأستاذة ولو على دفعات شيئ ايجابي وإن كان سيدشن العودة إلى التوظيف المباشر والى ضرب تكافؤ الفرص الذي يكفله الدستور للجميع و يوحي بالعودة إلى ما قبل 2011 الذي كان الاحتجاج وسيلة للتوظيف .

إنطلاقا مما سبق يتضح لكل متتبع لمشكلة الأساتذة المتدربين مند انطلاقها أن هناك اصطفافا كبيرا لبعض الأحزاب السياسية وبعض النقابات وكذلك الكثير من وسائل الإعلام ضد الحكومة وقليلة هي الأقلام التي تناولت الموضوع بموضوعية وتجرد رغم الاتهامات التي كيلت لها بالخيانة والعمالة دون معرفة لمن تعمل هذه الأطراف ؟وهل أصبح كل من يفكر بمصلحة الوطن ويرفض النظرة الأنانية لفئة معينة يمكن اعتباره خائنا أو عميلا .

فالموضوع في حد ذاته ليس مشكلة تقنية مرتبطة بتنفيذ مراسيم أو في التوظيف من عدمه و إنما الأمر أكبر من ذلك ، فالدولة تنظمها قوانين ومساطر والحكومات مجرد أدوات لتنفيذ تلك القوانين وكل حكومة تحظى بشيء من المسؤولية السياسية يجب أن تحرص على تطبيق تلك القوانين كما شرعها المشرعون كيفما كانت شرعيتهم ، وكل من يرى في سلوكياتها تجاوزا أو شططا يمكن أن يلجا إلى القضاء للطعن فيها وليس إلى الشوارع . وكل من يريد العودة إلى ما كان متبعا سابقا فهو واهم ، أي قبل 2011 من خلال اللجوء إلى الترضيات والتفاهمات للمقايضة بين الاحتجاج والتوظيف من خلال استغلال الوضع السياسي للبلد أو الوضع العام بالمنطقة العربية خاصة بعد عودة الاحتجاجات إلى تونس مهد الثورات العربية ،لكن الأمر مختلف كثيرا بين المغرب وغيره ، خاصة بعد دستور جديد يضمن تكافؤ الفرص للجميع وسيترجم من خلال العديد من القوانين التنظيمية قيد الاعداد ، فحتى لو سلمنا بأحقية الأساتذة المتدربين في مطالبهم إلا أن الخضوع لشروطهم وتوظيفهم بمجرد احتجاجهم يخل بمبدأ تكافؤ الفرص الذي يكفله الدستور للجميع فالمغرب ليس فيه 10000 معطل فقط بل الآلاف، ومنهم من يشتغل في ظروف قاسية ولا يحصل حتى على مبلغ المنحة التي تكفلها الدولة للمتدربين ، رغم الشهادات التي يتوفرون عليها ،فمن حق الجميع الحصول على وظيفة بنفس الطريقة كما انه يمكن لباقي المعطلين أن يرفعوا قضايا ضد الحكومة أما للطعن في قرارات التوظيف المباشر أو للحصول على نفس الحق في التوظيف على غرار الأساتذة المتدربين وبعدهم الممرضين وبعدهم الأطباء وبعدهم المهندسين ،وجميع مراكز التكوين الخاصة أو العامة يجب أن يحظى خريجوها بنفس الحق إذا كنا بالفعل نتحدث عن دولة الحق والقانون .

ومن هنا يمكن الانتقال إلى النقطة الثانية الأهم وهي أن حقيقة الأمر تتجاوز مطالب أساتذة متدربين وأن وراء الأمر جهات هدفها العودة بالمغرب إلى الوراء أي إلى ما قبل 2011 بحيث كانت الدولة تلجا إلى الترضيات والخضوع لحسابات سياسية بمعنى العودة إلى مغرب اللا قانون و إلى دولة التعليمات وحماية التوازنات ،فمن له المصلحة في ذلك يا ترى ؟ . المصلحة لأعداء الاستقرار وللتيارات العدمية التي لا تعترف أصلا بالقانون ولا الدولة وتحبذ أن يعيش المغرب في الفوضى ودولة اللا قانون ، ومن أجل نفي نظرية الاستثناء المغربي التي تؤرق الكثيرين ، وقد عملت جهات داخلية وخارجية على تعكير صفو التجربة المغربية بجميع الوسائل ،حتى ولو باستغلال مطالب فئة معينة كالأساتذة والأطباء وغيرهم ومن اجل إشعال فتيل انتفاضة أو ثورة جديدة بالمغرب إلا أنها فشلت، وجاءت انتخابات الجماعات الترابية ونسبة المشاركة المهمة يها، فحالت دون تحقيق تلك الأهداف ، ومن يقرأ المطالب التي رفعتها المسيرات في جميع المدن وتصريحات بعض الأساتذة المتدربين على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاركة حركة 20 فبراير ومشاركة احزاب المعارضة والنقابات التي عجزت عن إسقاط الحكومة أو مشاريعها عن طريق المؤسسات المنتخبة او الصناديق لتلجأ إلى الشارع والاصطفاف مع تيارات عدمية هدفها تقويض مؤسسات الدولة أولا ، كل ذلك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنها مطالب سياسية بامتياز، وحتى الممثلين المفترضين في الحوار مع الحكومة ليس لديهم أي سلطة في اتخاذ أي قرار . فكما هو معلوم في جميع وفود المفاوضات يتم ترك هامش للحرية للوفد المفاوض من اجل الوصول إلى حل وسط ويحمل المفاوض معهم سلة من المقترحات والبدائل على عكس ممثلي الأساتذة الذين يتهربون دائما ويرمون الكرة للمجلس الوطني للأساتذة بمعنى أن هناك جهات هي من تصرف قراراتها من خلال تلك الهيئة ، فمقترحات الحكومة كانت واضحة مند البداية وعلى الوفد المفاوض أن يحمل موقفه وتفويضا بقبول تلك المقترحات من عدمه لكن الوفد المفاوض ليس له أي سلطة ولا يمثل الأساتذة إلا في الواجهة فقط ، والغريب في الأمر أن الكثيرين ينفون عنهم أي انتماء لجهة سياسية أو نقابية على عكس ما هو واقع فعليا .

ورفع المطالب السياسية ليس عيبا لكن يجب على الجهات التي ترفع تلك المطالب أن تخرج للعلن والى النور و مشكل التعليم ليس وليد اليوم وليس بمقدور الحكومة حله بين عشية وضحاها وبعض المطالب مرتبطة بذلك وهي تعجيزية ومجرد رفعها يسقط الكثير من الأقنعة .

إن المشاكل بالمغرب ليست لها حدود ولا يخلو قطاع من مشاكل هيكلية مزمنة من المستحيل حلها في ولاية حكومية واحدة ،ومشكل البطالة واحد من هذه المشاكل فالوظيفة العمومية لا يمكن أن تضمن منصب شغل لكل الخريجين بالمغرب ،كما أن المؤسسات التعليمية والتكوين المهني العمومية والخاصة لا تخرج مؤهلين مباشرة في تخصصاتهم ، بما يعني أن هؤلاء الخريجين يحتاجون إلى تكوينات إضافية في مجالات أخرى حسب ما يطلبه سوق الشغل وهذا الأمر ليس من الضروري ربطه بالوظيفة التي تخضع لإكراهات مادية واحتياجات محدودة حسب كل قطاع وهذا أمر لا يمكن أن يجادل فيه احد ، ومجرد قبول الحكومة بفكرة ضمان الوظيفة لجميع خريجي مراكز التكوين يعتبر تمييز وضرب لمبدأ تكافؤ الفرص الذي يضمنه الدستور، بمعنى أن جميع المتدربين بمراكز التكوين في جميع مدارس التكوين المهني العمومية وحتى الخاصة يجب أن يحظوا بهذا الحق وإلا سنعود إلى ربط التوظيف بالاحتجاج ، من يحتج يضمن وظيفة ، وقد لا نفاجأ إذا وجدنا طوابير من المحتجين أمام العمالات والجهات يطالبون بالوظائف . وهذا هو ما تسعى إليه تلك الأطراف التي تتستر وراء إحتجاجات الأساتذة المتدربين والأطباء وغيرهم . وليس غريبا أن تصحو 20 فبراير من جديد بعد أزيد من 4 سنوات من وفاتها

قد تكون كل هذه الأمور المشار إليها أنفا بعيدة كل البعد عن الحقيقة في نظر البعض لكن ميدان السياسة يحتاج إلى جمع كل عناصر القضية والنظر إليها من جميع الجهات حتى تكون الصورة كاملة لأنه ليس كل ما يلمع ذهبا .ونقول للأساتذة المتدربين أن يلتحقوا بمراكز تكوينهم ويطالبوا بالرفع من منحة التكوين وتحسين ظروف التكوين و الإدماج ،وليحذروا أن يكونوا حطبا يدفئ مواقد بعض السياسيين الفاشلين.

وللمعارضة التي عجزت عن تقديم أي بديل حقيقي لحل المشاكل الهيكلية بالمغرب أن تكون احرص على السلم الاجتماعي وعلى مصلحة الوطن لا عبر الاصطفاف مع جهات معروفة بتوجهاتها الخارجة عن إطار الدستور فقط من اجل تصفية الحسابات مع الحكومة لاغير.

وعلى الحكومة أن تعمل على معالجة الموضوع بحكمة ورزانة في احترام تام للقانون وضمان تكافؤ الفرص لجميع أبناء الشعب المغربي خريجي جميع المدارس والمعاهد والجامعات وحتى ولو اقتضى ذلك استقالة حكومة بنكيران فالدولة المغربية باقية و ستستمر وكل الأحلام بثورة شعبية بالمغرب نقول لأصحابها تصبحون على خير وأحلام سعيدة .

‫تعليقات الزوار

6
  • أستاذ مكون
    الجمعة 29 يناير 2016 - 15:58

    جوابك قلته بنفسك "هل أصبح كل من يفكر بمصلحة الوطن ويرفض النظرة الأنانية لفئة معينة(الحكومة وصحاب الشكارة) يمكن اعتباره خائنا أو عميلا .
    -الأساتذة لا يطلبون توظيفا مباشرا فقد اجتازوا انتقاء أولي وكتابي وشفوي وسيجتازون في المراكز امتحانات المجزوءات والتدريب العملي وبحث تربوي بيداغوجي و امتـحــــــــان تخرج
    -المدرسة تعرف خصاص من سيدرس أبناء الشعب إن لم توظف الدولة المدرسين؟
    -هل تكافؤ الفرص هو ترسيب 3000 أستاذ مهما تكن نقطهم !!!
    – ماذا عن الشرطة, الجيش, القضاء, لا للخوصصة التعليم (المهندسين والأطباء قطاعهم الخاص مهيكل أغلبهم يفضلون العمل فيه للظروف العمل الجيدة على عكس القطاع العام الذي لا تعيره الحكومة الأهمية.
    -التوظيفات المباشرة هي التي تطبخ في دهاليز المسؤولين فلان ولد فلان زوجة فرتلان. لا للمزايدات على تعليم الشعب ولا لتغليط الرأي العام.

  • citoyen
    الجمعة 29 يناير 2016 - 16:04

    C'est très bien dit et c'est la logique pure et simple.

  • الحق يدوم
    الجمعة 29 يناير 2016 - 17:12

    رغم أنني مع مرسوم فصل التكوين عن التوظيف لما سيترتب عنه فوائد كثيرة بالنسبة للمدرسة العمومية وفي نفس الوقت سيكون له تبعات خطيرة على المدرسة الخصوصية على المدى المتوسط والبعيد. إلا أنه يجب لفت الانتباه إلى أن الأمر لا يتعلق بتوظيف مباشرالذي يعني توظيف حاملي الشهادات دون مباراة كما هو شأن أساتذة 3 غشت 2009…
    الأساتذة المتدربون قبل التحاقهم بمراكز التكوين مروا من ثلاث مراحل: مرحلة الانتقاء الأولي، ومرحلة المباراة الكتابية، ثم مرحلة المباراة الشفوية…وبعد انتهاء مدة التكوين سوف يجتازون مباراة التخرج، إذن عن أي توظيف مباشر تتحدثون؟!!!
    مباراة المؤطرة بالمرسوم هي فقط لغربلة الأساتذة للحصول على العدد الموافق للمناصب المالية المتوفرة كل سنة والتي لا يمكن أن تتقلص من سنة إلى أخرى…

  • طارق
    الجمعة 29 يناير 2016 - 20:54

    وصلنا لشهر فبراير و لم يلتحقوا بمقاعد التكوين . حتى لو التحقوا بالدراسة في 01 فبراير سيكون تكوينهم ناقصا . أنصح الحكومة بإلغاء المباراة ( التي يتحججون بها ) و نتائجها و ترك هؤلاء الطلبة في بيوتهم . احتجاجهم يدل على أن هناك جهات تستغلهم بعلم بعضهم و دون علم أغلبيتهم . هدي السيبة ماشي احتجاج . هؤلاء الطلبة أنانيون و دخلوا في مواجهة سياسية مع الحكومة و نحن مع الحكومة وضد فوضى الطلبة .

  • الحاج
    الجمعة 29 يناير 2016 - 20:57

    يجب على هؤلاء الطلبة أن يفهموا بان الشهادة الجامعية و حتى نجاحهم في مباراة الدخول لا تعني البتة تملكهم للكفايات الأساسية الضرورية.كما أن ولوجهم للمراكز التربوية واستفادتهم من التكوين لا يعني بالضرورة استيفاءهم لكل القدرات الشخصية و البيداغوجيةالمطلوبة.

  • محمد امين
    السبت 30 يناير 2016 - 20:29

    هؤلاء أشخاص تم انتقاء المتفوقين منهم حسب النقط المحصل عليها في تخصصاتهم، ثم اجتازوا مباراة كتابية ثم شفوية، فما يمنعهم من التفوق أيضا في التكوين؟؟ المانع هو أن المراكز فيها معلمون مجازون، ومديرون معينون بالمحسوبية في حين ان عددا من الدكاترة والباحثين لا يسمح لهم بولوجها…وهل سيسمى توظيف الاساتذة بعد كل هذه الاختبارات توظيفا مباشرا !؟ طيب الوزراء الذين يحصلون على الملايين والمستشارين وانتم ترون مستواهم عندما يطرحون الأسئلة في الجلسات الشفوية… ما هي الامتحانات التي اجتازوها، ما هي الشهادات التي حصلوا عليها !؟ وإذا كانت كل الوظائف يطلب ممن ولجها أن يقدم شهادة حسن السيرة والسلوك، فكيف يسمح لأشخاص ذوي سوابق عدلية بشغل مناصب المسؤولية وتمثيل الشعب في البرلمان…، يتحدث صاحب المقال وكان المغرب كل شيء فيه يسير حسب القانون وبلا تجاوزات، نعم لتطبيق القانون والمراسيم ولكن عندما يطبق على الجميع، وليس على الأساتذة فقط

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز