الفنان عبد الحق الزروالي.. عين على تاريخ الركح

الفنان عبد الحق الزروالي.. عين على تاريخ الركح
الأحد 16 دجنبر 2018 - 07:35

“متى أحيا في التمثيل ومتى أمثل في الحياة”، كلمات نابعة من الفؤاد، من أعماق رجل مبدع وهب حياته للمسرح. عبد الحق الزروالي،فنان متكامل تفجرت مواهبه على إيقاع “الحلقة”، وتلقى أولى دروسه على أيدي حكواتييها، مأخوذا بسحر الكلمة وببراعة هؤلاء الحكائين في دعوة الجمهور إلى التحلق حولهم.

في غمرة أحاسيس جياشة، وصف لنا الزروالي، أحد أعلام المسرح الوطني، عشقه لهذا الإبداع أثناء جولاته بين مدن وقرى المملكة لعرض مسرحياته في المدارس والأحياء الجامعية والمستشفيات ودور الرعاية، يبتسم وهو يقول إنه كان يضطر لصناعة خشبة مسرح من الطاولات ليتمكن من خلق فرجة أمام جماهير تعيش بعيدة جدا عن خشبات المسارح..همه الكبير وشغله الشاغل هو إيصال فنه ورؤيته إلى الجميع.

وفي حديث على هامش فعاليات المهرجان الوطني للمسرح بتطوان، قال الفنان عبد الحق الزروالي إن الفن المسرحي يعتبر أحد أنواع الفرجة المشحونة بروافد التثقيف والمتشبعة بالحس والوعي السياسي للمثقف والمبدع المغربيين.

وأوضح الزروالي أن التجربة المسرحية الوطنية ترتكز على أساسين اثنين، يقوم الأول على الأشكال التعبيرية الكامنة في التراث والتقاليد المغربية، من قبيل “الحلقة” و”البساط” و”سلطان الطلبة” وغيرها من الأشكال الفرجوية التي من الممكن أن تتحول إلى فن مسرحي، بينما ينضوي الأساس الثاني على الانفتاح على المسرح بمفهومه التقليدي، لاسيما مع ما أتى به الاستعمار الإسباني والفرنسي من فن مسرحي، كانت الغاية منه تقديم التغذية الفكرية والتثقيف والتسلية والترفيه لجالياتهما المقيمة آنذاك بالمغرب.

وأضاف الفنان ذاته: “أستطيع القول إن فن “البساط المغربي” يعد أكبر تجربة مسرحية مر بها تاريخ المسرح الوطني، بالنظر إلى كونه كان يعالج قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية كان يعاني منها المجتمع”، مسجلا أن هؤلاء الفنانين كان يطلق عليهم باللغة العامية “الحلايقية”.

وسجل عبد الحق الزروالي أن الاستعمار لعب دورا في النهوض بالركح المغربي، إذ كان سباقا إلى بناء المسارح من قبيل مسرح الجديدة ومسرح “ثيربانتيس” ومسرح طنجة والمسرح البلدي بالدار البيضاء؛ وهذا ما جعل المهتمين المغاربة يحاولون ما أمكن تقليد الفرنسيين والإسبان في الشكل الجديد لـ”الحلقة” بين عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

وفي سنة 1926 انطلقت أولى التجارب المسرحية من ثانوية مولاي ادريس بفاس، التي يمكن اعتبارها أول فرقة مسرحية على الصعيد الوطني. وابتداء من سنة 1956، هذه السنة التي صادفت استقلال المملكة، بدأ المسرح المغربي يتخذ منحى آخر لا يقتصر فقط على الفرجة، ولكن يتضمن خطابا سياسيا يخدم فكرة التحرر والذود عن القيم والأخلاق والأفكار والمصالح العليا للهوية المغربية.

وبعد الاستقلال، يضيف الفنان المغربي، تم إحداث مسارح وطنية متعددة، منها مسرح معمورة وفرقة المسرح الوطني ومسرح الطيب الصديقي، فضلا عن مسارح الهواة التي بذلت مجهودات كبيرة في اختيار مضامين المسرح العالمي، وكذا في اختيار مسرح يتنصل من كونه مجرد فرجة ترفيهية سطحية، بل مسرح مشحون ومتشبع بالحس والوعي السياسي للمثقف والمبدع المغربي.

وكانت جل مسرحيات الهواة إلى حدود ثمانينيات القرن الماضي، يتابع الزروالي، في خدمة النقد الاجتماعي والسياسي في سبيل بلورة صورة مجتمع مغربي جديد يؤمن بدولة الحق والقانون ويسخر أدواته التعبيرية من أجل الترفيه والتثقيف، وأيضا التوعية السياسية.

واعتبر الفنان المسرحي نفسه محظوظا لكونه عايش الفترة الأخيرة لـ”جيل الرواد”، وواكب جيل “القنطرة” (الهواة) وانخرط منذ سنة 1990 مع “جيل الأمل”، موضحا أنه شارك في كل دورات المهرجان الوطني للمسرح إما في المسابقة أو المشاركة في عرض الافتتاح أو التكريم من قبل المنظمين أو توقيع كتب أو المشاركة في الندوات.

وأعرب الزروالي، من ناحية ثانية، عن فخره واعتزازه بكونه حاز، خلال مساره المهني الطويل والحافل، على جوائز مهمة جدا توزعت بين الجائزة الكبرى وجوائز التأليف والسينوغرافيا والإخراج وغيرها، مشيرا إلى أنه كان أول شخص يقدم مسرحية جماعية بالمسرح الوطني الفلسطيني بالقدس الشرقية، فضلا عن تقديمه عروضا مسرحية في كل من الخرطوم وواد مدني جنوب السودان، مع المشاركة في جل دورات قرطاج وبغداد، ثم مسارح الشارقة ودمشق.

*و.م.ع

‫تعليقات الزوار

5
  • حارگ فمريكان
    الأحد 16 دجنبر 2018 - 06:41

    عندي سؤال لقيدوم الحلايقية. في ماذا نفع فنك المغرب؟

  • جار لسيد محترم
    الأحد 16 دجنبر 2018 - 07:48

    رجل أعطى للفن المسرحي كل ما يملك وزاد على ذلك.دون أن يأخد شيئا ..كباقي المسرحيين. والممثلين المغاربة…فكما عرفته في اواخر السبعينات وكل الثمانينات بسلا بحي بطانة .لم يتغير السيد المحترم عبد الحق الزروالي….فلم يلتفت له أحدا من الوزارة الوصية على هذا القطاع الصعب المسالك، وجدية وطول البقاء .والتشبث بقيمه الجليلة .كما فعل ولا زال السيد الجليل عبد الحق اطال الله عمره …فقد عمل وحيدا على خشبة المسرح وتركه المسرح وحيدا…فهنيئا لقلب صبور وعقل لا زال يفكر في العطاء….

  • Eltahir Ibrahim
    الأحد 16 دجنبر 2018 - 08:13

    T his theatre artist is oppressed from the media .and the world is stilL deprived from his art SO THIS THING SHOULD BE CORRECTED

  • مرة أخرى
    الأحد 16 دجنبر 2018 - 13:22

    كانت التلفزة المغربية في فترة سابقة بالثمانينات تعرض مسرحيات مغربية لفرق مسرحية كبيرة تضم ممثلين كبارا كالطيب الصديقي ومحمد حسن الجندي و لعلج والعلوي ثوريا جبران وعزيز موهوب محمد الحبشي بلقاس عبد الجبار لوزير نعيمة المشرقي حبيبة المذكوري فاطمة الركراكي صفية الزياني والإخوان البدوي….قائمة طويلة من القامات الفنية التي أعطت وضحت من أجل المسرح وكان عبد الحق الزروالي حاضرا بتجربته الفريدة في المسرح الفردي الذي يشخصه فنان واحد. تاريخه الفني وعطاءاته لاينكرها إلا جاهل بأبي الفنون المسرح.نسيان طال تاريخا فنيا لأسماء كثيرة كانت تمارس التمثيل حبا في الفن وليس لشيء آخر والنتيجة أن هذا الفن لم ينصفهم ولم يخلدهم كما كانوا يأملون.

صوت وصورة
نقاش إلغاء عيد الأضحى
الأحد 14 أبريل 2024 - 11:28 36

نقاش إلغاء عيد الأضحى

صوت وصورة
فوز الجيش الملكي على الوداد
السبت 13 أبريل 2024 - 22:57 1

فوز الجيش الملكي على الوداد

صوت وصورة
تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع
السبت 13 أبريل 2024 - 16:27 3

تدخل للإنقاذ من مكان مرتفع

صوت وصورة
الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء
السبت 13 أبريل 2024 - 14:55 3

الشواطئ تمتلئ في الدار البيضاء

صوت وصورة
الجفاف يفتك بوديان إفران
السبت 13 أبريل 2024 - 12:30 4

الجفاف يفتك بوديان إفران

صوت وصورة
انتخاب العلمي رئيسا للنواب
الجمعة 12 أبريل 2024 - 18:23 8

انتخاب العلمي رئيسا للنواب