مبادرة "المثمر" توفر تحاليل مجانية للتربة وتقوّي الإنتاجات الزراعية

مبادرة "المثمر" توفر تحاليل مجانية للتربة وتقوّي الإنتاجات الزراعية
صور: هسبريس
الجمعة 15 أبريل 2022 - 08:00

لم يكن امحمد مونوع، وهو فلاح يملك ضيعة فلاحية في جماعة الحوزية بإقليم الجديدة، يعتقد أن تربة ضيعته، التي يشرف على إدارتها رفقة ابنه سعيد، يمكن أن تُنتج كميات أكبر من البطاطس والطماطم التي تجُود بها كل عام؛ لكن هذا الأمر أصبح بالنسبة إليه حقيقة اليوم، بعد استفادته من مواكبة مبادرة “المثمر” للمكتب الشريف للفوسفاط.

لم يعد امحمد يتعامل مع ضيعته بشكل تقليدي كما كان عليه الحال في السابق؛ فبعد انخراطه في مبادرة “المثمر”، أصبحت تُربة ضيعته تُطعّم بحاجياتها من الأسمدة، كمّا ونوْعا، بشكل دقيق، بفضل التحليلات التي تخضع لها من لدن المهندسين الزراعيين التابعين للمكتب الشريف للفوسفاط وإرشاداتهم المتعلقة باستعمال الأدوية، ما حسّن مردودية الضيعة وجوَّد إنتاجها.

منذ سنة 2019، انخرط امحمد مونوع في مبادرة “المثمر” للمكتب الشريف للفوسفاط. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح هذا الفلاح يدبّر شؤون ضيعته بشكل علمي، حيث يُخضع عيّنات من تربتها إلى مختبر التحليلات المتنقل التابع لـOCP في العونات ضواحي مدينة الجديدة، وهناك يتم تحليلها بشكل مجاني، ويُزوَّد بتقرير يتضمن مختلف المعلومات المتعلقة بنوع السماد الموافق لتربة الضيعة والكميات اللازمة منه وغيرها من المعلومات.

حاليا، يعرف امحمد تركيبة السماد الذي تحتاج إليه تربة ضيعته الفلاحية، ويقول بثقة إن التركيبة هذه السنة تحمل أرقام 10 و23 و24. وبناء على هذه المعرفة يحصل على الأسمدة المناسبة، عن طريق منصة ذكية تابعة لمبادرة “المثمر”، تُدعى “سمارت بلاندر”؛ وهي تقنية حديثة تهدف إلى تشجيع الفلاحين على استخدام الأسمدة المناسبة، من أجل تنمية مستدامة لإنتاج المنتجات الفلاحية.

وتعني تركيبة السماد العناصرَ التي يتكون منها السماد، ويُرمز إليها بحروف “NPK”، وتعني الآزوت والفوسفور والبوتاس، بينما تعني الأرقام 10 و23 و24 النسبة المئوية لكل عنصر من العناصر المذكورة في سماد العُمق، أي السماد الذي يُوضع مع البذور.

ويُمكن تحليل التربة وتشخيص تركيبة السماد الذي تحتاجه من عقلنة استخدام الأسمدة بما يُعطيها أثرا ذا فعالية أكبر على التربة. وقال امحمد مونوع إنه، منذ أن علم بمبادرة “المثمر”، أصبح يقوم بتحليل تربة ضيعته الفلاحية بشكل منتظم، وغيّر الطريقة التقليدية التي كان يسمّد بها التربة، وطريقة السقي أيضا، وينصح الفلاحين بأن يحذوا حذوه وينخرطوا في هذه التجربة.

وتتغير تركيبة التربة من مكان إلى آخر، وبناء على تحليل عيّنة منها يحصل الفلاحون من لدن المهندسين الزراعيين بمبادرة “المثمر” على المعلومات الكافية بخصوص نوعية وكمية السماد الذي ينبغي أن تُطعّم به المزورعات؛ بدءا من مرحلة الزرع، مرورا بمرحلة النمو، ثم مرحلة الإنضاج.

عَقلنة التسميد

مبادرة “المثمر” للمكتب الشريف للفوسفاط، التي تواكب عشرات الآلاف من الفلاحين وتقدم لهم مجموعة من الخدمات الأساسية المجانية في مقدمتها تحليل التربة، هي شبكة من المهندسين الزراعيين، موزعين على مختلف مناطق المغرب، ولديها مجموعة من الأهداف؛ من بينها تشجيع الفلاحين على الاستعمال المُعقلن للموارد الفلاحية مثل التربة والأسمدة.

وأوضحت فاطمة الزهراء الشعري، مهندسة زراعية بمبادرة “المثمر”، أن المهندسين المواكبين للفلاحين المستفيدين من المبادرة يأخذون عينة من التربة لإخضاعها للتحليل في المختبرات المتنقلة الموجودة في عدد من الأقاليم، ويُعطى تقرير حول مكونات التربة وحاجياتها، وبناء على التحليل يتم تزويد الفلاح بالمعلومات والإرشادات؛ منها تركيبة السماد المستعمل في الزرع، سواء الخضر أو الفواكه أو الحبوب.

وبالرغم من أن الأسمدة متوفرة في السوق وبإمكان الفلاح أن يقتني ما شاء منها، فإن الفلاحين الذين يحظون بالمواكبة من لدن المهندسين الزراعيين لمبادرة “المثمر” يقتنون أسمدتهم بناء على “التركيبة المشخصة” أو “تركيبة التحليلة” كما يسميها الفلاحون، وتكون مناسبة أكثر للتربة، حسب الإفادات التي قدمتها فاطمة الزهراء الشعري لهسبريس.

وأفادت المهندسة الزراعية بمبادرة “المثمر” بأن كل أنواع الأسمدة تتوفر على العناصر التي تحتاجها التربة؛ لكن عقلنة التسميد، من خلال تحليل التربة، تضمن للفلاح ألا يطعّم التربية بأكثر من حاجياته من الأسمدة، أو بأقل مما تحتاجه، لأنه يقوم بالتسميد بناء على نتائج تحليل التربة، حيث يزوَّد بنوعية تركيبة السماد المناسب والكمية التي يتعين استعمالها، مضيفة: “هذا هو مفهوم عقلنة التسميد”.

وتنقسم عملية التسميد إلى مرحلتين؛ الأولى تسمى “التسميد بالعمق”، حيث يُسمّد الزرع، وفي المرحلة الثانية يتم التسميد عند نموّ المزروعات، ويسمى “تسميد التغطية”، وخلال كل المراحل يتم تزويد الفلاحين بالمعلومات الضرورية من لدن المهندسين الزراعيين لمبادرة “المثمر”، إضافة إلى المعلومات المتعلقة باستعمال الأدوية.

وتتم عملية مواكبة الفلاحين من خلال “منصة تطبيقية”، وهي عبارة عن مساحة معيّنة من الضيعة الفلاحية يُديرها الفلاح بناء على إرشادات المهندسين الزراعيين لمبادرة “المثمر”؛ بينما باقي أراضي الضيعة تُستغل بالطريقة التقليدية.

وأكدت فاطمة الزهراء الشعري أن نتيجة “المنصة التطبيقية” تكون في الأغلب الأعمّ أفضل بكثير من نتيجة باقي الأرض المزروعة بطريقة تقليدية، على الرغم من أن هذه الأراضي تُزرع بنفس البذور وتُسقى بماء واحد.

ويرجع تحسّن إنتاج المنصات التطبيقية مقارنة مع الأراضي المزروعة بطريقة تقليدية إلى “أنّ “كل شيء يكون محسوبا بدقة في المنصة التطبيقية”، وفق تعبير فاطمة الزهراء الشعري، التي أوضحت أن هذه التجربة تجعل الفلاحين يقتنعون بأن بإمكانهم أن يحصلوا على إنتاج أكبر من نفس الأرض، ومن ثم يقومون بتطبيقها على باقي الأراضي التي كانت تُستغل بطريقة تقليدية، مؤكدة أن النتائج التي أعطتها المنصات التطبيقية في المواسم الفلاحية السابقة “كانت واعدة، بحيث كانت مردوديتها وإنتاجيتها أفضل من الأراضي المجاورة”.

ويُسمي المهندسون الزراعيون لمبادرة “المثمر” مساحة الأرض التي يطبقون فيها تجاربهم بـ”المنصة التطبيقية” (plateforme de démonstration)، والأراضي الأخرى بـ”المنصة الشاهد” ((plateforme témoin، وسُميت بهذا الاسم لأنها هي التي تُقارَن بها نتائج المنصة التطبيقية.

وتلقى المواكبة التي تقوم بها مبادة “المثمر” للإرشاد الفلاحي المجاني إقبالا من لدن الفلاحين، حيث حفزتهم النتائج المحققة على الانخراط فيها بشكل أكبر، حسب فاطمة الزهراء الشعري، موضحة أن مجانية الخدمات التي تقدمها المبادرة مكّن من تذليل العقبات المادية أمام الفلاحين.

وإضافة إلى تحليل التربة مجانا، تقدم المبادرة خدمة أخرى عبارة عن وحدات ذكية لإنتاج السماد “سمارت بلاندر”، تمكّن الفلاحين من الحصول على معلومات بخصوص تركيبة السماد التي يحتاجونها؛ وهي العملية التي تسهّل عليهم شراء السماد المناسب لتربة ضيعاتهم.

وإذا كانت مبادرة “المثمر” تمكن الفلاحين من خدمات مجانية تخفف عنهم الأعباء المادية، فإنها أيضا، سجلت الشعري، تمكن من الرفع من مردودية الإنتاج الفلاحي وتحسين جودة المنتجات، عن طريق عقلنة تدبير مختلف العمليات الزراعية؛ وهو ما يعود بالنفع على الفلاحين، ويعزز الأمن الغذائي للبلاد.

‫تعليقات الزوار

2
  • نعمان
    الجمعة 15 أبريل 2022 - 09:49

    زيدوا علينا فالمازوط و الضرائب و فرقوها على مالين الكريمات و الفلاحين، مطيشة ب 10 دراهم و الفلفل ب 15 درهم و قالك المغرب الأخضر !!! ستحاسبون أمام الله

  • مواطن2
    الجمعة 15 أبريل 2022 - 10:24

    اعلق على الصورة فقط… الامر هنا يتعلق بضيعة في منطقة خصبة…وبطبيعة الحال صاحب الضيعة توفر له الدولة امتيازات كثيرة وكبيرة ومتنوعة….السؤال هو هل الفلاح الصغير في اعالي الجبال والمناطق الوعرة يتستفيد من نفس الامتيازات….من هنا لابد من ضرورة الاهتمام بفلاحي المناطق الوعرة ومدهم ولو بجزء قليل من تلك المساعدات..حتى الدعم المخصص للشعير لا يستفيد منه الفلاح الصغير لعدم توفره على الشروط المطلوبة..اضافة الى انه لا يستطيع اقتناء الشعير المدعم ليس للعلف بل للاستهلاك لأن قدرته الشرائية لا تسمح له بذلك…الفلاح الصغير يعيش الماساة لوحده في صمت.

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة