التعليم الديني.. متخصّصون مع هبوب رياح التحديث على أشرعة المناهج

التعليم الديني.. متخصّصون مع هبوب رياح التحديث على أشرعة المناهج
السبت 31 دجنبر 2016 - 22:00

دعا عدد من الباحثين المتخصّصين إلى إعادة النظر في مناهج التعليم الدّيني المعتمدة في المغرب وتحديثها، حتّى تتلاءم مع روح العصر ومع حاجيات المجتمع المغربي، كما رصدوا عددا من الإشكالات التي يعاني منها هذا الصنف من التعليم، الذي انخرَط المغرب في إعادة هيكلته و”تطهير” مضامين مقرراته من الأفكار المنغلقة.

ففيما يتعلّق بالمناهج، قالَ الباحث يونس محسن، أستاذ زائر بالمدرسة العليا للأساتذة بفاس، خلال الندوة المنظمة من طرف المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، اليوم السبت، “إنَّ هناك انفصالا لمناهج التعليم الديني في المغرب عن حاجيات المجتمع؛ إذ ما زالتْ بعض العلوم الشرعية تُدرّسُ بأمثلة تقليدية تجعل الطالبَ لا يجدُ ضالّته في مضامين ما يُدرّس له، وبالتالي لا تُتيح له الانغماس الفعّال في المجتمع”.

في السياق نفسه اعتبر ربيع الحمداوي، أستاذ متعاقد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، أنَّ المنهج يُعدّ من بين المشاكل الأساسية التي يعاني منها التعليم الديني بالمغرب، ورغم إشارته إلى وجود عمَل لتطوير هذه المناهج، “إلا أنّ هناك غيابا للمقاصد والغايات والأهداف؛ لذلك فإنّ السؤال الذي ينبغي طرحه هو أيّ تطويرٍ وأيّ تجديد نريد؟”، يقول المتحدث.

وعدَّ الحمداوي الأزمة التي يعاني منها التعليم الديني في المغرب نتيجةً للأزمة التي تتخبّط فيها الجامعة المغربية ككلّ، مضيفا: “ما يتعلّمه الطالبُ يظلُّ مجرّد أوراقٍ تُحفظ طيلة سنوات الدراسة، نظرا لغياب المَقصد الأساس من تدريس الموادّ، وهو ما يجعل الطالبَ حينَ يتخرّج لا يستطيع الإجابة عن أسئلة الراهن، ولا يَقْدرُ على حلّ إشكاليات الواقع”.

من جهته انتقد عبد الرحمان الشعيري منظور، باحث متخصص في الشأن الديني، واقعَ التعليم الديني في المغرب، خاصّة على المستوى الجامعي، مشيرا إلى جامعة القرويين بفاس، التي قالَ إنها لعبتْ دورا بارزا في التاريخ المغربي، “تعيش اليوم أزمةَ عطاء وأزمة أداء تتجلّى في انفصام العطاء الأكاديمي عن الواقع وعدم تخريج عُلماء أكفاء”.

وعزَا المتحدّث ضُعفَ أداء مؤسسات التعليم الديني العُليا إلى “الفراغ المؤسساتي وطُول مكوث عُمداء الكليّات في مناصبهم، الذي قد يمتدّ إلى عشرين سنة، وهو ما يجعل هذه المؤسسات تعاني من شيخوخة طواقمها الإدارية والتدريسية”، على حدّ تعبيره، كما انتقد وزارة الأوقاف المشرفة على تدبير هذا القطاع، قائلا إنها “مُنغلقة وغيرُ متفاعلة”.

واستطردَ الشعيري أنَّ شُعبَ الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية “لا تخرّج علماء الشريعة بمفهومها التقليدي، ولا علماءً متمكّنين من العلوم الأخرى”، واصفا الرصيد المعرفي لخرّيجي هذه الشعب بـ”الهجين”، عازٍ سبب ذلك إلى افتقار منظومة التعليم الديني بالمغرب إلى غياب خيار معرفي واضح.

من جهة أخرى، تطرّق المشاركون في الندوة إلى عدد من النواقص التي يعاني منها النظام التعليمي الديني بالمغرب، في جميع مستوياته؛ حيث اعتبر محمد الحاجي الدريسي أنَّ التعليم الديني في المرحلة الابتدائية “يُعدّ مشكلا كبيرا”، وزادَ موضحا: “لا بدّ من إحداث مَسْلك خاصّ؛ لأنه لا يمكن إسنادُ مهمّة تدريس مادّة التربية الإسلامية للمتخصصين في الرياضيات والموادّ الأخرى، لكون إمكانياتهم العلمية لا تؤهلهم لذلك”.

وعلى المستوى الجامعي، دعا يونس محسن إلى مراجعة نظام الإجازة ــ ماستر؛ “لأنَّ الطالبَ لا يدرس في هذين المستويين سوى المداخل”، بيْنما تساءل محمد الحاجي الدريسي عن السبب الذي يجعل خرّيجي كليّات الشريعة محرومين من ولوج سِلْك القضاء، متسائلا: “طُلاب هذه الكليات يدرسون ما يدرسه طلاب كيات الحقوق في ما يتعلق بالقانون، فلماذا يتمّ حرمانهم من سِلْك القضاء؟”

‫تعليقات الزوار

11
  • المغرب الحبيب
    السبت 31 دجنبر 2016 - 22:25

    من منظوري المتواضع،أقول : إن السبب في فشل التعليم الديني،وما وصل إليه

    الأن،هم المشرفون عليه،ابتداء من فقيه المسجد إلى الكلية.

    فالفقهاء في المساجد،حولوا حلاقات تحفيظ القرأن الكريم إلى أشبه،ما يمكن

    أن أصفه بمعسكرات النازية،فلقد كانوا يقتلون الطلبة قتلا.

    فيتخرج الطالب من هذه المساجد،وهو منهك جسديا،ودهنيا.

    والحمدلله أن المساجد بدأت تتخلص من هؤلاء الفقهاء الجهلة.

    وأيضا عند ما يذهب الطالب ،بعد حفظه للقرأن إلى المعاهد العتيقة،

    يجد أناسا يدرسون المواد،بالطريقة التقليدية التي تنتمي إلى العصر

    الحجري،ولا يقبلون لا نقاشا،ولا أسئلة ولا أي شيء.

    وعند ما ينهي دراسته في هذه المعاهد،ويحصل على البكالوريا في

    التعليم العتيق،ويذهب إلى الجامعة،يجد ديكتاتوريين من نوع أخر…

    ومن بين الديكتارية التي يمارسونها في الجامعة ،وخصوصا في شعبة

    الشريعة والدراسات الاسلامية:

    أن الطالب يجب أن يحفظ تلك الأوراق التي يسلمها الأستاذ حرفيا بل

    بالفاصلة والنقطة…والويل كل الويل لمن حاول أن يجتهد.

    وعند ما يتخرج الطالب يجد نفسه أنه قضى عمره كله في قراءة

    أشياء،لا يستطيع تنزيلها على الواقع.

    فيقول: لله المشتكى.

  • الحسين
    السبت 31 دجنبر 2016 - 22:29

    ان مصطلح التعليم الديني غريب عن منظومة التعليم بالمغرب بل غريب على منظومة التربية والتعليم بالعالم الاسلامي.ان المغرب لم يعرف الى حدود فترة الاستعمار شيئا اسمه التعليم الديني.
    وحينما دخل الاستعمار لبلادنا حاول وهو يواجه القلعة الحصينة للتعليم ان يفصل بين العلوم الشرعية والعلوم الانسانية والاجتماعية وكان له ذالك.
    ويجب الرجوع الى الفترة التي كان فيها تدرس جامعة القرويين والزيتونة المناهج والبرامج التي لم يكن تفصل فيها مادة الرياضيات عن الفقه ولا الفلك والفيزياء عن التاريخ والجغرافية.هذا هو المنظور الفلسفي للنظريةالتربية الاسلامية التي لها هدف واحد هو معرفة الخالق وسياسة الكون من منظور الاستخلاف.

  • عبدو
    السبت 31 دجنبر 2016 - 22:35

    المنظومة تعليمية هي التي يجب تغييرها من أعلاها الى اسفلها . لعل وعسى أن يتطور التعليم .

  • harrokki
    السبت 31 دجنبر 2016 - 22:38

    Les marocains musulmans s'occupent déjà de l'éducation religieuse de leurs enfants ni l'état ni les domestiqués de la culture judeo-chrétienne ne réussiront d'interdire a un musulman d'être musulman chez lui , dites leur que le Maroc a une seule et unique culture berbéro-arabo-musulmane aimez le ou quittez le

  • citoyen
    السبت 31 دجنبر 2016 - 22:48

    il faut absolument commencer par notre enseignement pour instaurer les bases de la laïcité dans la mentalité des futures générations: la religion doit être absolument écartée de la politique et rester dans les mosquées et l'enseignement de la religion doit surtout se focaliser de montrer celle ci comme source de morale et de bonne citoyenneté : il faut que notre pays sorte du blocage de l'Etat religieux traditionnel à l'Etat civil moderne et démocratique

  • فاطمة
    السبت 31 دجنبر 2016 - 22:49

    أنا متفق تماما مع صاحب التعليق 2 الاستعمار هو الذي فرق بين المواد التي نعرفها اليوم لكن قبل ذالك كانت كل المواد تدرس في كلية واحدة لأن منهج المسلمين في التعليم ليس كمناهج غيرهم فنظرية المسلمين لها غاية واحدة هي معرفة الله وتحقيق الاستخلاف في الأرض وهذه الطريقة في التعليم هي التي نحتاج إليها وسنناضل من أجلها

  • انا جيت جونيمار
    السبت 31 دجنبر 2016 - 22:49

    لكل مرض دواء الا الموت قاهر الله بها العباد الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير اعملوا ما شئتم اني بما تعملون خبير كل يعمل على شاكلته المهم كلشي عندو قلب واحد وجوج رجلين وراس نفس واحدة تدور في الكون

  • ali
    السبت 31 دجنبر 2016 - 23:18

    ألا يمكن تخريج علماء للأمة الإسلامية يتبعون دعوة خير الأنام في كل نواحي وطننا الغالي وبلاد المهجر وكدا بالدول الإسلامية الصديقة فتفتح لهم المساجد والساحات لينبهوا عباد الله ، فالمشكل هو بعد الناس على أمر الله فلم يجدوا سوى الطرق الأخرى قريبة من إرهاب أو تشرميل وكرساج وضح النهار إدا كان لنا جيش من الدعات هو يبحث عن الناس في أي مكان ،وهناك عدد من المجالات الأخرى كالقضاء والتعليم وغيره أعتقد سيصلح حالنا .

  • sana lbaz
    الأحد 1 يناير 2017 - 11:53

    الحقيقة
    ما هي نتائج هذا "الغصب اللغوي" المقترف في حق الطفل المغربي؟
    ـ تضييع ست سنوات من عمر هذا الطفل لأنه يبدأ من الصفر كما لو ولد في ذلك اليوم الذي دخل فيه المدرسة .ـ يصبح دور المدرسة في هذه الحالة، ليس هو تحصيل المعرفة وتوسيع الأفق الفكري والثقافي لهذا التلميذ انطلاقا من لغته الأم وتطويرا لها وذلك باكتساب مفاهيم جديدة (على شكل ألفاظ وكلمات جديدة) وتوظيف أفضل لتلك اللغة التي تعلمها في البيت، وإنما يصبح دور المدرسة هو اكتساب اللغة العربية التي سيقضي هذا التلميذ كل عمره المدرسي في تعلمها دون أن يتمكن من إتقانها. وهكذا تتحول الوسيلة، التي تمثلها اللغة التي هي مجرد أداة لاكتساب المعرفة، التي تبقى هي الغاية من التعلم والمدرسة، إلى غاية في ذاتها. فتضيع الغاية الحقيقية من التدريس، التي هي التكوين المعرفي والعملي والثقافي، وتنصب كل الجهود على إكساب التلميذ اللغة العربية. ولن يتمكن هذا التلميذ من إتقان هذه اللغة رغم أن كل الجهود منصبة على تحقيق هذه الغاية. لماذا؟ لأن الأمر لا يتعلق باكتساب لغة أخرى تضاف إلى لغة الأم التي يتقنها، والتي يفترض أن تكون هي لغة المدرسة الأولى للتلميذ، تبع

  • Omar33
    الأحد 1 يناير 2017 - 14:13

    Les religions fabriquent des esprits endormis sectaire et hypocrites pour empêcher la masse de se révolter de se réveiller contre l'oppression et la tyrannie des puissants

    Bien évidemment qu'il nous faut un Etat laic pour protéger l'individu et la société marocaine de la tyrannie de la dictature du totalitarisme des religions

  • sana
    الأحد 1 يناير 2017 - 14:30

    الحقيقة
    كما هو حال لغة أجنبية مثل الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية بالنسبة للتلميذ الإسباني مثلا. وإنما يتعلق الأمر بإحلال لغة جديدة (العربية الفصحى) محل (وليس بجانب) لغة الأم لدى التلميذ، مع ما يرافق ذلك من صراع بين اللغتين له آثاره السلبية الكبيرة على مستوى التحصيل المدرسي للتلميذ الذي يجد صعوبة في إتقان الفصحى والتخلص من لغة الأم التي تتحول، على مستوى التفكير واستخدام المفاهيم، إلى عائق له أمام اكتساب الفصحى التي لا يلتقي بها إلا في قاعة الدرس، في حين أن لغة الأم حاضرة في كل مناحي الحياة اليومية.
    ـ ومن جهة أخرى، تعلم لغة جديدة لتحل محل لغة الأم بعد ست سنوات، يصبح أمرا صعبا جدا لأن عقل الطفل جاهز و"مبرمج" لاكتساب اللغة (لغة الأم) في السنوات الأربع الأولى وليس بعد ست سنوات. وهذا ما يجعل تلامذتنا، «لا يملكون القدرة على كتابة صفحة واحدة بعربية جيدة، خالية من الأخطاء ومتناغمة في تسلسل الأفكار إن كانت هناك أفكار..»
    هذه هي الأسباب الحقيقية لتدني مستوى اللغة العربية لدى تلامذتنا، وهي أسباب كامنة في اللغة العربية أساسا ـ وليس في شيء آخر ـ لفقدانها لوظيفة التخاطب الشفوي، مما يجعل azul

صوت وصورة
ملفات هسبريس | أزمة المياه
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:30

ملفات هسبريس | أزمة المياه

صوت وصورة
معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 23:15

معرض الحلي الأمازيغية للقصر الملكي

صوت وصورة
أحكام قضية الدهس بالبيضاء
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 21:50 6

أحكام قضية الدهس بالبيضاء

صوت وصورة
اعتصام ممرضين في سلا
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 19:08 1

اعتصام ممرضين في سلا

صوت وصورة
وزير الفلاحة وعيد الأضحى
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 17:34 24

وزير الفلاحة وعيد الأضحى

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 3

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين