الشباب المسلم في بحر الشكوك ..والفقهاء في سكرة

الشباب المسلم في بحر الشكوك ..والفقهاء في سكرة
الجمعة 13 أبريل 2012 - 02:15

قال تعالى : (بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ).

(كثيرا ما يحاول الشباب الإتصال بأهل الإختصاص في ما يتعلق بشكوك واستفهامات حول الدين أو قضية أخرى ، لكن ما من مجيب ، بل تجد أحدهم يضع عنوان بريده الإلكتروني أو رقمه الهاتفي رهن إشارة القراء في كتابه لكنه لا يجيب أحدا منهم ! وهذا يدل على أن هناك قطيعة مهولة وفظيعة ومعيبة بين النخب المثقفة وهموم الشباب النهم للمعرفة والتساؤل ! بل إن الأساتذة في الجامعات يتوقحون على الطلبة ويرفضون أي نقاش أو استفسار وهذا مما يؤسف له(…) والأخطر أنها متاحة لشباب ضعيف التكوين لا يعرف من ضوابط المعرفة ولا المنهج السوي أي شيء ما يؤدي به إلى استعظام ما يعجز عن فهمه أو رده من كلام الملاحدة والفلاسفة إذ لا يمكلون الأدوات الفكرية والعلمية الكاشفة عن ضعف آراءهم وركاكتها أو بطلانها…) (حفيظ المسكاوي/ حركة مالي وغياب المقاربة التربوية /هسبريس)

إن منهج الدعوة لدى كثير ممن نراهم على الفضائيات أو في وسائل الإعلام المختلفة لا أقول عنه سوى أنه منهج مؤسف مثير للشفقة إذ هو منهج تضييع وتنفيير أكثر مما هو منهج تيسير وإقناع وتبشير، يتصرف أصحابه وكأن الناس مسلمون في مجتمع بدوي بسيط يخنع فيه العوام لأحكام الفقهاء بلا نقاش ، أو أنهم يتقبلون فكرة أنهم مجرد جاهلين لايحق لهم نقد أو إبداء رأي، منهج جديد في رداءته قديم في زمانه ، لم يعهد مثله لدى الفقهاء الأولين ولا الدعاة المتقدمين ، أهل الموسوعية والمناظرة والأصول والمنطق ، ينبني على خطاب عاطفي وجداني لا على خطاب حجاجي عقلاني ، أخذا بالتطور الحاصل على مستوى وعي الشباب وانفتاحهم في هذا العالم الذي حولته وسائل الإتصال والانترنت إلى قرية صغيرة وفضاء مفتوح تتلاطم فيه كل الأفكار وكل الثقافات، إلى مجال للنقاش الحاد و الجاد ، وفي مواقع لا تعرف امتناعا أو منعا ، لزوم حد أو حدودا ..مواقع ليس باستطاعة القانون ولا باستطاعة عقلية بعض الفقهاء المكنسنة – التي تحاكي العقلية المنحرفة لرجال الكنيسة – أن تحاكمها..لم يعد للترهيب أو الوعيد مجال لغلق الأفواه ، ليس بوسع الفقيه المنحرف والمفلس في فكره أن يصدر “فتوى” بإهدار دم شخص افتراضي على الشبكة العنكبوتية !! إنكم أيها الفقهاء والدعاة غافلون عن غفلتكم ولا تعيشون زمانكم ..

لقد قال أحدهم على فضائية أبو ظبي وهو الشيخ الكبيسي : “بعد 20 عاما سيخرج جيل لا يعرف عن دينه شيئا”، قالها وهو مطمئن متبسم ! شباب المسلمين اليوم الغارقين في خضم ثقافة غير ثقافتهم ، فرنكفونية أو أمريكية أو يابانية وغيرها ، المتمرغين في الإستهلاك ، في مجتمعات تنسب نفسها للإسلام وهي قبلة للإباحية تعرف مظاهر صارخة طافحة للإغراء ، باتوا مهددين بالإنسلاخ عن عقيدتهم ، بل بعضهم وإن قلوا قد انسخلوا وراحوا بغباوتهم التي أثمرها التعليم المعطوب فيهم يسبون الدين والله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله ..أين الفقهاء ؟ لا زالوا يصورون واقعا يوطوبيا خياليا للأمة المسلمة ، أمة لا وجود لها ولا كيان إلا في الخيال ..الأمة بخير ، الأمة تعرف صحوة إسلامية ووو…وما شئت في نسيج المثالية .بل رأينا بعضهم من هؤلاء المثاليين يتعاقد مع الطغيان ضد هذه الأمة التي كان يلوكها في دروسه ، البوطي مع بشار الأسد الذي يذبح جزء من “الأمة المسلمة” ، وسلفيون في مصر مع مبارك بعضهم اليوم يتشوف للسلطة في انقلاب عجيب !

إن هذا الجيل من الشباب لا يقبل ألبتة التقليد في الدين كما حكى الله تعالى على لسان المشركين مما يبطل التقليد في الدين ( بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) ، إنهم شباب مفتون بالمادة التي زينتها العلمانية التي يخطيء أهلها ومعهم ديانيون في أنها ليست ضد الدين بل هي كذلك لأنها في حقيقتها ديانية أرضية تعاند الدين السماوي ، والعلماني يستند إلى العلمانية في اعتباره ،لما يعتبره الدياني ثوابت دينية ، خرافات وتخلفا وردة إلى العصور الوسطى ..

ليس لدينا إكليروس في الإسلام ومن حق الجميع أن يتساءل عن دينه وينتقده، والذي يأتي برأي أو نقد أو اعتراض لا يضر الدين أبدا كيف يضره وهو دين العقل ودين ( اسأل عما بدا لك) ، ودين نقل كتابه سؤال الملائكة لربها ، واعتراض الصحابة على رسوله فيما دون الوحي ، لكن “فقهاء” الكارتون لا يريدون أن ينتقدهم أحد وياويله إن فعل فهو الجاهل وهو المريض ولربما استحل دمه !!

إن الذين يضرون الدين في المغرب هم المسلمون أنفسهم قبل خصومهم بما يجمدون عليه من خواء فكري ومظاهر تعبدية بلا روح و”فتاوى” تندى لها أجبُن الحشاشين، فضلا عن استغلال السياسة للدين وتدخلها في شأنه بما يضر به ويجلب التهم له حتى قيل إن الدين وسيلة لتبرير الإستبداد وتخدير الشعب ، والأمر كذلك فعلا لكن هؤلاء لا يميزون بين الدين في نفسه والإستغلال الذي وقع عليه، فضلا عن الظروف الإجتماعية التي تفرزها السياسة وتحجبها النخبة التي تجعل بعض الشباب يلعن الدين والثقافة واللغة ظانا منه أنها سبب ضيق معيشته ! قضية استغلال الدين أخيرا أشار إليها الدكتور طه عبد الرحمان في آخر كتاب له : (روح الدين) واعتبر أن السلطة الحاكمة تتدخل في الدين لا من أجل أهداف التعبد وإنما لأجل التسيد !

هذا وقت استنفار العقل الإسلامي واستفاقته من الغفوة والغفلة ، زمن خروج الفقهاء من سكرتهم ، لأن الشباب المسلم اليوم هم في بحر من الشكوك ، تعب في مشقة ، بل هم أقرب لظلمات الإلحاد منه لنور الإسلام ، في مجتمع المجالس العلمية ووزارة الأوقاف وجيوش الدعاة والفقهاء والعلماء الذي لا يملكون من هذه الألقاب حقيقتها الأصيلة إلا الوظيفة الدخيلة ، الذين لم يكن همهم دين الله ومنهج الله بقدر ماكان همهم السهر على خدمة تصور منصب في حفظ التسيد..هؤلاء بمنهجهم المؤسف يقضون على التعبد ! ولا يعول على هؤلاء لأنه لا دعوة إلى الله وإلى الحق بدون استقلالية عن السلطة وعن وظيفتها ، ويكفيهم أن المسملين المغاربة يتفاعلون مع دعاة المشرق وفعالياتهم ولئن سألتهم عن موظفي المجالس العلمية فلا يعرفون منهم أحد ، فمتى سمعوا لهم ركزا ؟ شخص تافه معتوه طغى صوته على أصواتهم الرديئة المبحوحة وبلغ “علمه” الغزير الآفاق فهو يرى نفسه العلامة الفهامة ويستحق أن يكون مستشارا لموقع إباحي ، أما الشخص الثاني فهو فاضل كان بين الناس بما أمكنه فأحبوه ، فأخرجه وزير الأوقاف وظن به السوء وهو “المتصوف” الذي لم يستو عنده الذهب والحجر ..وآخر كان من قبل تكفيريا غليظا في دعوته ناصرا لنفسه يطمح اليوم للسلطة .. يال بؤس الدعوة !!

[email protected]
www.anrmis.blogspot.com

‫تعليقات الزوار

7
  • زهير
    الجمعة 13 أبريل 2012 - 04:26

    تحليل رائع و لكن عليك بخاصة نفسك و قد اصبحت داعية و لك في دعوتك كل خير

    فاين البؤس اذن

  • المتوكل
    الجمعة 13 أبريل 2012 - 09:09

    اتابع دائما المقالاات التي يحررها الاستاد حفيظ المسكاوي باهتمام بالغ مواضيع دائما تصيب المجتمع المغربي في عمق عظامه الهشة وبنيته الهرمة الشابة خيزو البنان الجهاز البلاستيك الحشيش الدعارة الفقرالرشوة المحسوبية ترويج للاسلام الرقيق الدين الاسلاامي لايقبل المساومة او المناصفة في الدين اصبح الشباب المغربي يفقد هويته لايعلم مالطريق الدي سيسلكه هل العلمانية الفاشلة ام الاسلام الرقيق او السلفية حتى اصبح الشباب المغربي منافقا بامتياز وفاقد لهويته المغربية الاسلامية المحافظة لقد ابتلينا ببعض الفقهاء متل الزمزمي الدي لايقبل الانتقاد ات وبالتالي فهو جاهل بكل المقاييس ,اولا من الناحية العلمية هاده الاجهزة مضرة بصحة مستعمليها دينيا الاستمناء حرام اخلاقيا عادة دميمة وقبيحة خايبة حتى في التعاويدة هادشي لي بقا من بعد الحشيش والدعارة والقمار والسياحة الجنسية والرشوة والبطالة نزيدو علينا هاد البلية لي مالها علااج كان الاجدر بك يافقيه زمانو الافتاء في تعدد زوجات ومساعدة كل من توزج اكتر من واحدة شكرا للكاتب

  • mostafa
    الجمعة 13 أبريل 2012 - 11:26

    شكر الله للاخ الكريم بتفظله بهذا المقال الجيد جزاه الله خيرا ومساهمة مني ادعوا شباب الدعوة الى الله للبحث والتعمق في دراسة السيرة النبوية والتدرج النبوي في الدعوة وكيف كان يحاور ويناقش ويجادل بالتي هي احسن لاقناع الناس و دحض ادعاءات الخصوم بقوة الحجة وسلاسة الخطاب المتواضع بدون تشنج او لغط او استعلاء بل بالرحمة ولين الجانب وخفض الجناح واكرام السائل واقناعه واشباع فضوله بما يناسبه ويزيل شكوكه كما ادعوا الى الاستفادة من الحركات الدعوية التي تتبع خطواته صلى الله عليه وسلم وتركز على المعاني والسلوك الاحساني الرحيم لاشاعة العمران الاخوي بدون تشنج او قمع او فضاضة في اللفظ وانصح بالاستفادة من محاظرات الدعية الطبيب الدكتور عدنان ابراهيم في الامور الفكرية والفلسفية لعله ينفع باسلوبه السلس وسعة المامه بالعلوم الشرعية والفلسفية والعلمية كما احذر اخوتي من السرعة في الاحكام على الناس بل نلتمس الاعذار لشباب وشابات امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وندعوا لهم بالهداية ونصبر حتى ياذن الله فان الامة عائدة ان شاء الله لدينها وعزتها ولنا العبرة في نسبة دخول ابناء الديانات الاخرى للاسلام

  • ztailovic
    الجمعة 13 أبريل 2012 - 11:44

    "ليس لدينا إكليروس في الإسلام ومن حق الجميع أن يتساءل عن دينه وينتقده، والذي يأتي برأي أو نقد أو اعتراض لا يضر الدين أبدا كيف يضره وهو دين العقل ودين ( اسأل عما بدا لك) ، ودين نقل كتابه سؤال الملائكة لربها ، واعتراض الصحابة على رسوله فيما دون الوحي ، لكن "فقهاء" الكارتون لا يريدون أن ينتقدهم أحد وياويله إن فعل فهو الجاهل وهو المريض ولربما استحل دمه !!" الأخطر من هذا هم أولئك : إلي غي داويين كتوحل مع الحلوف
    تبارك الله عليك أستاد حفيض

  • HACHIMI
    الجمعة 13 أبريل 2012 - 19:36

    الامية والجهل ارض خصبة تمهد لبعض الفتاوي الشادة الانتشار فسكوت الامةعن هده الفتاوي يقوي عزيمة واسرار المفتي الشاد في الاستمرار

  • kahlayn
    السبت 14 أبريل 2012 - 17:52

    بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين قال تعالى افي الله شك فاطر السموات والارض اقول لك يااخي هل انت مؤمن حقا بدين الاسلام ام انك لازلت شاكا اذا كنت كذلك فاقول لك يجب ان تنظر حولك فالاسلام قد بلغ الافاق وكل يوم يدخله المئات من الناس غيرالمسلين الم تعلم ان سفير فرنسا في الكويت اعلناسلامه في الوقت الذي منع ساركوزي الشيخ القرضاوي وعلماءاخرين من دخول فرنسا واقول لك ان هذاالاسلام سينتصربعزعزيزاوبذل ذليل اما فيما يخص العلماء المغارب فانهم يؤدون رسالتهم احسن وؤاكد جازما بان تحكم عليهم على انهم غيرمنفتحين وغيرمقنعين فهذااتهام باطل انصحك بالابتعاد عن الظلم وخاصة ظلم العلماء فان لحمهم مسموم ويصاب من انتهك اعراضهم قبل موته بموت القلب وانصحك كذلك بان تجول في المغرب الحبيب وسترى ماتقربه عينك من العلماء ولا تحكم على الكل بالبعض

  • españa
    السبت 14 أبريل 2012 - 20:08

    أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة الذين أخبر النبي صلى الله عنهم بأنهم يسيرون على طريقته وأصحابه الكرام دون انحراف ؛ فهم أهل الإسلام المتبعون للكتاب والسنة ، المجانبون لطرق أهل الضلال . كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة " فقيل له : ما الواحدة ؟ قال : " ما أنا عليه اليوم وأصحابي " . حديث حسن أخرجه الترمذي وغيره .

    وقد سموا " أهل السنة " لاستمساكهم واتباعهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم . وسموا بالجماعة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في إحدى روايات الحديث السابق : " هم الجماعة " . ولأنهم جماعة الإسلام الذي اجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا في الدين، وتابعوا منهج أئمة الحق ولم يخرجوا عليه في أي أمر من أمور العقيدة . وهم أهل الأثر أو أهل الحديث أو الطائفة المنصورة أو الفرقة الناجية.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة