دِبلوماسية النّد للنّد!

دِبلوماسية النّد للنّد!
صورة: هسبريس
الأحد 7 مارس 2021 - 00:08

موقف المغرب الصارم اتجاه ألمانيا، بقطع كل أشكال الاتصال مع السفارة والمؤسسات الألمانية، لا يمكن أن تتخذه إلا البلدان المحترمة التي تؤمن بقضاياها الوطنية، وهو موقف يحسب للدبلوماسية المغربية.

وبغض النظر عن تحديد الأسباب الكامنة وراء الخطوة التي قامت بها خارجية مملكة محمد السادس، إلا أن وحدها الصيغة والطريقة، تجعلان من التعبير عن الغضب المغربي، إجراءً وعملا دبلوماسيا لا يمكن أن يقوم به سوى البلد الذي لا يخشى المواجهة الند للند، حتى ولو تعلق الأمر ببلد قوي من طينة ألمانيا، وعد قبل أيام فقط، بأنه سيضخ أزيد من مليار أَورو في شرايين الاقتصاد المغربي لمواجهة تداعيات كورونا!

هذا الإجراء الدبلوماسي الغاضب من الرباط، يعيد إلى الأذهان خطابا قويا صدر عن الجالس على العرش، قبل سنوات، عندما اتهم بعض القوى العظمى، وكان المقصود في الغالب فرنسا وأمريكا، بما يشبه أسلوب التعالي، الذي تتعامل به هذه القوى مع المملكة المغربية. وهو ما رد عليه الملك فعليا وعمليا، بأن أمّ وجهه جهة الشرق، وقام بزيارات تاريخية إلى كل من الصين وروسيا، أثمرت اتفاقيات استراتيجية، لاسيما في المجال الاقتصادي، الذي لا يخفى على أحد أنه القاطرة التي تجر مقطورات باقي القطاعات.. كما لا يخفى على أحد ماذا يعني أن يكون المغرب حليفا لهذه القوة الدولية أو تلك وقد صار المغرب معادلة إفريقية يصعب تجاوزها أو تجاهلها، ويكفي أن يكون أول أسباب ذلك أنه المستثمر الإفريقي الأول في إفريقيا، وما يعني ذلك عند الدول الإفريقية!

ولعل أهمية ما بات يحتله المغرب من مكانة إقليمية، وإعلانه القدرة على البحث عن حلفاء جدد غير الكلاسيكيين المعروفين، هو ما جعل هؤلاء الأخيرين يفهمون إشارات الرباط بسرعة ويلتقطونها، كما فعلت فرنسا التي نوهت بصراحة في أكثر من مناسبة بالشراكة التاريخية والاستراتيجية مع الرباط، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال المس بمكانتها.. وكذلك فعلت واشنطن، ولعل اعترافها التاريخي بمغربية الصحراء، يدخل في هذا الإطار، خاصة عندما وعد الساسة الأمريكيون بأنهم سيجعلون من الأقاليم الجنوبية الصحراوية للمملكة نقطة انطلاق المشاريع التنموية لدول إفريقيا..

باختصار شديد، هذه القوى، سواء منهم الغربيون أو الشرقيون، لا يحترمون الدول والأنظمة التي لا تحترم نفسها ومواطنيها، وتقف عند أعتابهم لدعم شرعية مفقودة محليا، ولكنهم يحترمون الأنظمة التي تحترم بلادها وشعبها.. وانظروا كيف سارعت ألمانيا إلى محاولة تطويق غضب الرباط، بأن أكدت أنها لا تريد لعلاقتها “الطيبة” مع المغرب أن تمسها شائبة!

بيد أن بيت القصيد في الحكاية كلها، هو البيت الداخلي، حيث لا يمكن أن تقوى الدول إلا بتقوية الجبهة الوطنية، وهذا لن يتأتى إلا بالدفع بمسار الديمقراطية، وتجاوز حالة الانحسار والتردد، واحترام حقوق الإنسان، دون تجزيء أو مساس..

‫تعليقات الزوار

5
  • العنتبلي باشا
    الأحد 7 مارس 2021 - 03:06

    ردة فعل المملكة المغربية الشريفة تجاه المانيا تبدد ما يقوله العسكر الجزاءري و دميتهم تبون ان المملكة هي محمية و لا تملك قرارها.

  • Amaghrabi
    الأحد 7 مارس 2021 - 10:54

    صراحة رغم اني اعيش في المانيا منذ اكثر من 30سنة وادعي انني اعرف تقلبات الشعب الالماني وانحياز الدولة الالمانية الى من يمثل مصالحها رغم انها تدعي العدل واحترام حقوق الانسان وووو وهناك جمعيات مدنية حقوقية تجعل من نفسها مدافعة عن حقوق الانسان في العلم ولكن في نظري تزن الامور بمكيالين بحيث تراها تغض الطرف عن تجاوزات حقوقية في اماكن اخرى.واعتقد ان الدولة المغربية لا تحاسب المانيا على جمعيات مدنية تتخذ موقفا من القضية الوطنية وانما تحاسب الدولة الالمانية الرسمية التي تناور وتدخل رأسها في شيئ بعيد عنها بحيث تبرز عدم محايدتها وبالتالي انحيازها الى اطروحة اعداء الوحدة الترابية,فهذا درس رائع لالمانيا ومن خلاله الى اسبانيا كذلك بحيث الحزب الحاكم في اسبانيا طرف منه يساند الاطروحة الجزائرية علانية مما يستدعي اجلا او عاجلا اتخاذ موقف مشابه وقد بدأ بتأجيل اللقاء المغربي الاسباني كتعبير عن عدم الرضى وبالتالي فان لم تتحرك اسبانيا وتضع حدا لهذه الاستفواوات التاريخية فان بعد اغلاق الحدود بين سبتة ومليلية ستليه خطوة الصيد البحري بدون شك واسبانيا هي المستفيدة الكبيرة بالعلاقة المغربية الاسبانية,مغربنا في ا

  • الفيلالي
    الأحد 7 مارس 2021 - 12:15

    فعلا أخي لقد أصبت في تشخيصك فكلما كانت الدولة والنظام قادرة على اتخاذ قرارها دون رضوخ أو انبطاح كلما احترمتها هذه القوى الغربية.. أنظر إلى إيران وتركيا الدولتان المسلمتان اللتان تقفان الند للند لممواجة هاته القوى ، وبالمقابل نرى دول مسلمة كمصر والسعودية والإمارات منبطحة بل وتستعمل أموالها الطائلة لكسب تأييد هاته القوى
    على مغربنا الحبيب أن يرصي صفوفه الداخلية ويتصالح في الملفات الحقوقية وينهي قضية المعتقلين ويسير في طريقه بسرعة من أجل الديمقراطية الحقيقية وليس مجرد الشعارات، ليكون دولة تمتلك قرارها وتتخذه بشجاعة

  • اركيب الطاهر
    الإثنين 8 مارس 2021 - 22:45

    البيت الد اخلي إذا بني من برلمان مغربي وأحزاب مغربية فمآله الخراب والفساد وانعدام الدمقراطية الملك عليه أن يعتمد على الشعب وأن يبني معه البيت الداخلي

  • احمد المانيا
    الثلاثاء 9 مارس 2021 - 08:03

    على هذه الحكومة المنبطحة والنائمين في البرلمان ان يتركوا تلك الكراسي التي تنخر المال العام بدون فائدة مثله مثل المستشارين وان ياخذ محمد السادس الامر بيده اما هذا الرئيس الحالي لحد الان لم يقل كلمة واحدة في الموضوع فعليه من الافضل ان يعود للعيادة
    اما الوقوف في وجه كل من يقف ضدنا فالامر لا يقبل النقاش كان من الاولى ان نقطع مع الجار العنيد اللدود الذي نسي كل ما قدمناه من مساعدة ايام محنته مع الاستعمار الفرنسي
    فالمانيا كما جاء في الاخبار انها ترغب في تحسين علاقتها مع المغرب فالجالية غير مرتاحة من جهة الطرفين لذى على المانيا والمغرب الجلوس لفض النزاع وكذلك اسبانيا فنحن كجالية لا نريد ان يذهب ابناؤنا الى بلدان مجاورة لقضاء عطلتهم وصرف اموال هناك فما احوجنا اليها في بلدنا ..

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 1

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 2

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 20

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 9

جدل فيديو “المواعدة العمياء”