مقطع طرقي يغضب ساكنة أيت عبدي بإملشيل

قطع العشرات من المواطنين المتحدرين من جماعة إملشيل، بإقليم ميدلت، حوالي 45 كيلومترا مشيا على الأقدام وسط تضاريس جبلية وعرة، في اتجاه عمالة ميدلت، مطالبين بالتدخل لإنجاز مقطع طرقي يربط بين خمسة دواوير بجماعة إملشيل، ورفع مختلف مظاهر الإقصاء والتهميش التي تميز المنطقة.

وفي منطقة قصر أوديدي رفع المشاركون في المسيرة الاحتجاجية، التي انطلقت شرارتها منذ السابعة صباحا من يوم الثلاثاء، شعارات تندد بـ”أسلوب المماطلة والتسويف”، وتستنجد بالعاهل المغربي، قصد “التدخل لرفع الحيف الذي طالهم منذ ما يزيد عن 20 عاما”، وفق تصريحات محتجين.

وقال محمد كريم، وهو من سكان المنطقة، إن عددا من المسنين وبعض النسوة ومجموعة من الشباب قضوا ليلة الثلاثاء في العراء رغم برودة الطقس ودون حماية أمنية ووسط تضاريس محفوفة بالمخاطر، وأكد أن الغاية من الاحتجاج “ليست بناء فضاءات للترفيه أو متنزهات أو الوظيفة، وإنما من أجل مقطع طرقي يربط بين أوديدي وإغالن عبر تيزي نوانو، تيميشا أنرغو تيدرت تمزاغرت إغالن، على مدى مسافة تقدر بحوالي 45 كيلومترا”.

واعتبر المتحدث أن “الاحتجاج آخر خيار بقي لدى الساكنة في ظل اجترار الخطابات الجوفاء نفسها لأكثر من ربع قرن”، مشيرا إلى أن “الوعود التي تلقتها الساكنة عام 2000 هي التي يتم تكرارها اليوم عام 2021، ما جعل مئات الأسر تحس بـ’الحكرة’ وتترقب مبادرة ملكية لا أقوالا مهدئة”، وفق تعبيره.

وتابع كريم: “إن منطقة آيت عبدي، بإقليم ميدلت، هي البقعة الأرضية الوحيدة في المغرب ربما التي مازالت تحتاج إلى مروحية لنقل مرضاها ونسائها الحوامل؛ وهي الأرض التي ولد فيها الإنسان ليحيا ميتا في ظل هذه المآسي اليومية، إذ تغيب كل الحقوق وتتهاوى طموحات الشباب في خلق مشاريع تنموية في غياب شريان التنمية (الطريق)”.

وأوضح أحمد الزواوي، وهو من ساكنة تمزاغرت: “في وقت كانت تنظر الساكنة حلولا واقعية، فوجئت مرة أخرى بوعود جاءت لتعمق جراح المتضررين وتزيد من مسافة هذا الزمن القاسي، حيث تغيب أبسط شروط العيش الكريم، ما يوحي بأن المنطقة ستبقى محكومة بأقدار النسيان والتهميش”.

وزاد المتحدث ذاته: “إن الدواوير الخمسة تعيش حقا على هامش الزمن المغربي، وتشكو غياب شبكة الكهرباء والصحة والتعليم والمشاريع المدرة للدخل والمرافق الاجتماعية، من دار الأمومة، ودار الصانعة، ودار المرأة والفتاة، ورياض التعليم… وكل ما يؤسس لمفهوم الإنسانية وكرامة العيش. لكن رغم كل ذلك يبقى المطلب الأساسي للساكنة في الوقت الراهن هو فتح هذا المقطع الطرقي”.

كما أبرز الزواوي أن الطريق المذكور، الذي يستهدف ساكنة خمسة دواوير، “بات يشكل عائقا أمام استقرار العشرات من الأسر، جراء غياب وسائل النقل، وسيارات الإسعاف، وارتفاع سعر المواد الغذائية، خاصة في موسم التساقطات الثلجية؛ ناهيك عن المعاناة في عملية التلقيح، إذ يتم نقل مسنين على البغال في ظروف لا صحية”، وفق تعبيره.

وفي السياق ذاته، أشادت تصريحات مشاركين في المسيرة بجهود الدرك الملكي والسلطات المحلية، خاصة على مستوى التدخلات لإنقاذ المرضى والنساء الحوامل، ودعم مسلسل التنمية المحلية عبر نقل صوت الساكنة إلى المسؤولين، واصفين إياها بـ”المهمة”؛ لكنها “تبقى مقارنة مع حجم الإكراهات غير كافية”.

من جانبها أوضحت مصادر رسمية، لهسبريس، أن عامل الإقليم يتفهم مطالب الساكنة، وعلى أساس ذلك قام بعدة مبادرات، آخرها خلال الأيام القليلة الماضية، إذ تم استدعاء لجنة لتقييم تكلفة الطريق المذكورة.

وأضافت المصادر نفسها أن تكلفة المشروع بلغت حوالي 12 مليار سنتيم، وأن إجراءات البحث عن التمويل جارية على مستوى عال، مرجحة إنجاز المشروع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بالنظر إلى الفترة الحالية، حيث يرتقب المغاربة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وكشفت المصادر ذاتها أن منطقة أيت عبدي ستستفيد قبل موسم الصيف من برامج مدعمة لقطاع التعليم الأولي، والابتدائي، ومن مستوصف صحي معزز بالموارد البشرية، فضلا عن مشاريع أخرى لا تقل أهمية.

يشار إلى أن المسيرة جرى تطويقها من طرف القوات العمومية، ممثلة في عناصر من الدرك والقوات المساعدة والسلطة وأعوانها بمنطقة قصر أوديدي، على بعد أمتار من مركز إملشيل، ما أسفر عن فتح حوار مطول مع الساكنة، أبرز من خلاله رئيس دائرة إملشيل الجهود المبذولة من طرف السلطات الإقليمية لحل مختلف المشاكل المطروحة في الدواوير الخمسة.