الزرولي يسائل مسار التنمية المستقبلي في المغرب

الزرولي يسائل مسار التنمية المستقبلي في المغرب
صورة : و.م.ع
الأحد 24 يناير 2021 - 02:33

صدر مؤخرا للباحث الزرولي امحمد كتابه السادس بعنوان “الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للمغرب في القرن الواحد والعشرين: أية مفاهيم جديدة؟ لأي مسار مستقبلي للتنمية؟”، يناقش إشكالية ذات راهنية كبرى، وتوجد في صلب اهتماماته العلمية منذ عدة سنوات.

وحسب ورقة تقديمية للكتاب الذي يقع في 432 صفحة من القطع المتوسط، فإن الإشكالية التي تطرق إليها المؤلف تكتسي “حصافة علمية وقيمة إستراتيجية وعملية لا جدال فيهما، خاصة في سياق النداءات الملكية لإعادة النظر وتجديد النموذج التنموي وتعيين لجنة لهذا الغرض، وعلى ضوء الأزمة الناتجة عن تداعيات الجائحة العالمية كورونا التي أثرت على مسارات النمو الاقتصادي والنماذج الوطنية للتنمية”.

وحسب المصدر ذاته فقد اعتمدت المقاربة التي انتهجها المؤلف في تحليله لإشكالية الجهوية المتقدمة وتجديد النموذج التنموي للمغرب كدولة أمة أحادية، لا ممركزة وفي طريق جهوية متقدمة، على مسلمة التلازم والارتباط العضوي ما بين البناء الجهوي والبناء الوطني والدولتي بالمغرب، مع اعتبار أن الاقتصاد العام لنموذج الجهوية المتقدمة مرتبط عضويا ومتداخل مع الاقتصاد العام للنموذج الوطني، بمواطن قوته وضعفه وبمؤهلاته وطموحاته.

ومن هذا المنظور، يضيف الكاتب، وهو عضو اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية، فإن الأطروحة المركزية لهذا الكتاب تشكل ترافعا من أجل مسار جديد لنموذج التنمية الوطنية والجهوية الشاملة والمستقلة والمندمجة، مع مركزية عضوية للجهوية المتقدمة الإرادية، واعتبارها كركيزة للإدماج والالتقائية، وكمحرك للدفع بمختلف الديناميات السوسيو اقتصادية والمجتمعية والترابية للتنمية.

وعلى هذا الأساس، يضيف الكاتب، فإن التوجه العام للمسار المستقبلي للتنمية سيتأثر بشكل عميق بحجم ووزن وطبيعة الأعمال الإستراتيجية وبالمشاريع الجهوية المهيكلة، وبعمق الإصلاحات الهيكلية وبأهمية المجهود العام للاستثمار والتنمية الذي ستضطلع به الدولة وتفرعاتها والجهات والجماعات الترابية الأخرى، وكذا بمستوى التجنيد الجماعي للنخب المستنيرة ولكافة أطراف التنمية في الجهات.

وقام المؤلف في كتابه أيضا بدراسة التحديات الهيكلية المستقبلية للتنمية بهدف توضيح المعالم المستقبلية من أجل تخطيط إستراتيجي وحكامة ديمقراطية في أفق 2050، متمحورة على صدارة الجهة وأفضلية المجال الجهوي، وبالترافع من أجل مسار جديد لنموذج التنمية الوطنية والجهوية بالمغرب، مع مركزية عضوية للجهوية المتقدمة الإرادية، على أساس مقاربة منهجية ومفاهيم جديدة وسيناريوهات مستقبلية اختيارية.

وعلى ضوء مستنتجات تحاليل المسارات السابقة للتنمية بالمغرب، واعتبارا للتحديات الداخلية والخارجية المقبلة وللرهانات المشروعة، وكذا للتجارب المقارنة عالميا لدول نجحت في دخول نادي الدول الصاعدة، ومنها من أصبحت دولا متقدمة، يعتبر المؤلف أن الاعتماد الناجح للقطيعات الهيكلية والإدراج الإيجابي لنقط التحول المحوري للمسار الجديد للنموذج التنموي وللجهوية المتقدمة الإرادية يبقيان رهينين بثلاث مسلمات.

وتتعلق المسلمة الأولى، حسب الكاتب، “بالوعي الجماعي باستحالة مواصلة المسار الحالي الذي تعوزه الاستدامة ويشكو من الفعالية المتوسطة ومن بطء في التقائية التنمية؛ فيما تؤكد المسلمة الثانية على “استحالة اعتماد نموذج جديد للتنمية مع وضع النموذج الحالي بأكمله جانبا، والذي يتوفر رغم ظهور علامات ومؤشرات على تقهقره وتراجعه على إيجابيات ثابتة، وقدرات جماعية لامادية ونقط قوة يمكن البناء عليها، وذلك بتقوية الدعامات الصلبة الموجودة وبإدراج دعامات جديدة حاملة لجيل جديد من الإصلاحات”؛ بينما تتمثل المسلمة الثالثة في إحداث تحول في مفاهيم التنمية والتحكم في عقد التحول وأسس إعادة البناء.

ويرتكز الترافع المركزي الذي يدافع عنه المؤلف على ثلاث دعامات متكاملة للتحليل، تتمثل في اعتماد منظور متجدد للتنمية مرتكز على معرفة جماعية ذكية للمكتسبات الواضحة التي يجب تقويتها، وعلى التبعيات التاريخية للمسارات التي يجب تدعيمها، وعلى نقط الضعف التي وجبت معالجتها من منظور شمولي كفيل بتجاوزها.

وحسب الكاتب فإن من شأن اعتماد مقاربة جديدة للتنمية إعادة التفكير وتجديد أسس النموذج والبناء الجماعي لمساراته الجديدة، اعتبارا للتحديات الهيكلية المرتبطة بالتطور الديمغرافي على المدى البعيد، وللرهانات والطموحات المشروعة للأمة المتعلقة بتقوية الانتقال الديمقراطي، وتسريع التحول الهيكلي وتكثيف التشعب الاقتصادي والتنافسية التكنولوجية والتجديد المؤسساتي والسياسي، وتقوية التأهيل الاجتماعي والجهوي والإنجاز الملموس للمساواة في حظوظ وفرص الولوج للتنمية، وكذا إقرار التماسك الاجتماعي والترابي والتآزر الجهوي.

وخلص المؤلف إلى أن هذه المقاربة الجديدة للتنمية التي تجعل من الجهوية المتقدمة الإرادية محركا للتحولات الهيكلية للمملكة، وورشا كبيرا في صلب الرهانات الحالية والتحديات الداخلية والخارجية المستقبلية للتنمية الوطنية والجهوية الشاملة والمستقلة والمندمجة، تحتم إقرار تحول في مفاهيم الإستراتيجيات والسياسات التنموية المقبلة وبلورة سيناريوهات مستقبلية اختيارية.

‫تعليقات الزوار

1
  • عبدالله
    الأحد 24 يناير 2021 - 06:27

    مقال جميل ومهم بالنسبة المغرب ومستقبله وعلينا ان نخدمه جميعا كي نصل بهاذا البلد الى هدف يتمناه كل مغربي صالح.
    الجهوية المتقدمة هي شيء جميل ويحتاج الى مسؤولين جد وطنيين يحبون هادا البلد ليسو بانانيين يخدمون الا مصلحتهم الشخصية .
    يجب على كل مغربي او مغربية ان يربو ابناءهم على حب الوطن وخدمته للأحسن وللأجيال القادمة.
    يجب علينا ايضا ان ننظر الى المانيا كمثل ناجح في هاذا المسار الجهوي المتقدم .
    شخصيا انظر الو الجهوية المتقدمة كسباق او بطولة كروية كل فريق يريد ان يكون احسن من الاخر ولهاذا يجب على كل ولاية ان تدخل الى عالم التنافس لخدمة جهتها الى الاحسن في جميع المجالات، الاقتصاد، النظافة، الابتكار، والسيرة وفِي اخر السنة يجوز ان تكون جاءزة للفاءزة والجائزة تكون شيك مالي التشجيع . اتمنى ان لا تكون كل الجهات ومن ضمنها الصحراء المغربية في سوى لا فرق بين اي وحدة.

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس