أنامل نساء "تازناخت الكبرى" تبدع في نسج الزربية المغربية التقليدية

أنامل نساء "تازناخت الكبرى" تبدع في نسج الزربية المغربية التقليدية
صور: هسبريس
الجمعة 5 مارس 2021 - 16:00

تشهد منطقة تازناخت الكبرى، بإقليم ورزازات، نشاطا لافتا لصناعة الزرابي التقليدية التي تبدع أنامل نسوية في صناعتها من الصوف الخالص، ويكافحن من أجل استمرار هذا المنتوج التقليدي لقرون دون أن يخضع لطي النسيان، باعتباره مصدر عيشهن ووسيلة للتعبير عن إحساسهن كنساء يعشن ظروفا حياتية صعبة في هذه المنطقة شبه القروية.

نساء تازناخت الكبرى ورثن فنون حياكة الزرابي عن أمهاتهن منذ نعومة أظافرهن، ويستعملن أشكالا ورموزا مختلفة للزخرفة، تعبيرا عن آمالهن ومعاناتهن كنساء قرويات، بالرغم من أن هذه الرموز التي تبدع أنامل النسوة في رسمها لا يستطيع ترجمتها سوى هؤلاء الصانعات أنفسهن.

خلال مراحل صناعة الزربية، تقوم النسوة بترديد بعض الأشعار التقليدية، أو ما يسمى بلغة أهل المنطقة بـ”الأتكار”، من أجل تشجيع أنفسهن على مواصلة عملهن الشاق في هذه الصناعة الصعبة التي يظن كثير من الناس أنها سهلة، عكس الزربية الأخرى التي تنسجها الآلات الحديثة.

المرأة التازناختية

تبدع أنامل المرأة في منطقة تازناخت الكبرى، التابعة إداريا لإقليم ورزازات، في صناعة الزربية التي مزجت فيها بين أصالة الماضي وروح الحاضر، حيث أصبحت الزربية المصنوعة بتازناخت تحمل علامة تجارية محفوظة وطنيا وأضحت مطلوبة في بعض البلدان.

ورغم الشهرة التي كسبتها الزربية المحلية، فإن معظم الصانعات يعانين مشاكل كثيرة وصعبة في ظل جائحة فيروس “كورونا” بسبب غياب وسائل التسويق وإهمال القطاع من طرف الوزارة المكلفة بالصناعة التقليدية، حسب تصريحات عدد من النسوة اللواتي يشتغلن في إطار التعاونيات.

فيروز السكاوي، رئيسة تعاونية تكظيفت ناسكاف للنسيج والخياطة الكائن مقرها بدوار أسكا جماعة وسلسات، قالت إن المرأة الصانعة بمنطقة تازناخت الكبرى تعيش واقعا مزريا بسبب الأزمة التي ضربت العالم بأسره، مشيرة إلى أن هناك غيابا لأي دعم مادي من طرف الوزارة الوصية على القطاع، والاكتفاء بتقديم الصوف للتعاونيات كأن هناك إقبالا على المنتوج.

وأضافت فيروز أن المرأة بهذه المنطقة في حاجة ماسة خلال هذه الفترة إلى الدعم المادي وليس إلى الصوف، لأن فرص تسويق المنتوج غائبة كليا في الوقت الراهن، موضحة أن هذه الصناعة تعتبر مصدر عيش كل هؤلاء النسوة الصانعات.

من جهتها، قالت حياة، وهي إحدى الصانعات اللواتي التقت بهن هسبريس، إن هذه الصناعة جد صعبة وتتطلب وقتا طويلا لصناعة الزربية بالمواصفات المحليةالتي تشتهر بها.

وأضافت الصانعة المنضوية تحت لواء المجموعة ذات النفع الاقتصادي تاكظيفت تانزاخت التي تم تأسيسها يوم 8 شتنبر 2016: “المرأة هنا تكافح داخل البيت وخارج البيت من أجل توفير لقمة العيش وتقديم يد العون والمساعدة لرب الأسرة”، بتعبيرها.

الأخضر والأحمر

خلال زيارة جريدة هسبريس الإلكترونية إلى ورشة عمل الصانعات بمنطقة تازناخت، قالت نزهة، عضوة بتعاونية محلية متخصصة في صناعة الزرابي، إن الألوان الأكثر استعمالا في هذه الصناعة هي الأزرق والأصفر والأحمر والأخضر، مشيرة إلى أن لكل لون معنى خاصا به.

وأوضحت المتحدثة ذاتها أن اللون الأخضر هو تعبير عن الطبيعة التي تشتهر بها المنطقة منذ زمن بعيد، فيما اللون الأحمر يعبر عن الحب للزربية وللمنطقة بشكل عام، مشيرة إلى أن اللونين الأحمر والأخضر هما الأكثر استعمالا مقارنة باللونين الأزرق والأصفر.

وأضافت العضوة ذاتها بتعاونية محلية متخصصة في صناعة الزرابي أن النسوة وحدهن يستطعن فهم معنى الألوان المستعملة في هذه الزرابي، مؤكدة أن الألوان التي تستعملها النسوة في حياكة الزرابي لم يتم اختيارها عبثا بل لكونها تحمل دلالات عميقة عن المنطقة بتاريخها وثقافتها وطبيعتها.

أنامل مبدعة

رغم دخول الزرابي المصنوعة بالآلات الحديثة خارج المغرب وداخله إلى الأسواق المحلية ورخص ثمنها، فإن الزربية التازناختية ما زالت محافظة على مكانتها في السوق؛ لأنها تعبر عن ثقافة محلية عريقة ولها تاريخ لا يستهان به.

ويحتفظ العديد من المغاربة من مختلف جهات المملكة إلى الوقت الحالي بنماذج فريدة من الزرابي، لكون زربية منطقة تازناخت المصنوعة بأنامل نساء المنطقة تتميز بطابعها الأمازيغي الخالص المعروف بتعدد أشكالها الزخرفية ذات المغزى العميق.

لطيفة الداودي، رئيسة المجموعة ذات النفع الاقتصادي تاكظيفت تازناخت، قالت إن الصانعات يقمن بزخرفة النسيج بمختلف الأشكال الهندسية المنسجمة والمنسقة بالأيدي، مشيرة إلى أن الزربية التازناختية لا يمكن مقارنتها بالزربية المستوردة من الخارج ليس فقط لجودتها أو لألوانها المتناسقة، بل لكونها تعيد الإنسان إلى ماض عريق.

وأوضحت الداودي أن أنامل النساء تحاول إبداع أشكال جديدة من الزربية؛ لكنها تحافظ على ما تم توارثه عن الأسلاف، مشيرة إلى ضرورة دعم هذه الفئة من أجل إبراز المؤهلات في هذا المجال وتحقيق حلمهن ومساعدة أسرهن في مصاريف العيش اليومي.

وقالت إن النساء استفدن من الصوف خلال فترة جائحة “كورونا” من طرف وزارة الصناعة التقليدية، وتمت صناعة مجموعة من الزرابي بهذا الصوف بالرغم من إغلاق الأسواق الوطنية التي يمكن من خلالها تسويق المنتوج.

معاناة الصانعات

حسب المعطيات التي وفرتها لطيفة الداودي لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإن منطقة تازناخت الكبرى توجد بها أكثر من 22 ألف نساجة، مشيرة إلى أن هذه المنطقة تعد أكبر منطقة في إفريقيا من حيث وجود الصناع في هذا القطاع المهم.

وأوضحت المتحدثة ذاتها أن أكثر من 90 في المائة من العائلات المحلية تعتمد على الزربية في قوت عيشها اليومي، لافتة إلى أن الصانعات تضررن في فترة جائحة كورونا لغياب السوق وتوقف السياحة، مشيرة إلى أن الجائحة مست جميع الصانعات والصناع بشكل عام؛ ما يتطلب تدخلا من طرف الوزارة الوصية لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق.

وفي هذا الإطار، قالت صانعة أخرى، تدعى الزهرة، إن المعاناة التي تعيشها المرأة بمنطقة تازناخت، خاصة الصانعة منها، لا يمكن اختصارها في غياب السوق لترويج المنتوج؛ بل تتعداه إلى غياب دعم الدولة لفائدة هذه الفئة الهشة، معبرة عن رفضها “استغلال النساء من طرف المسؤولين لالتقاط الصور مقابل تسليم حفنة من الصوف”، بتعبيرها.

وأوضحت الصانعة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن هذه الفئة تضررت بشكل كبير بسبب “كورونا”، مشددة على أن “الوزارة الوصية على قطاع الصناعة التقليدية قدمت للتعاونيات الصوف كأن هناك إقبالا على شراء الزرابي، مقابل تقديم الدعم المادي لمهنيي القطاعات الأخرى، كالسياحة مثلا”، بتعبيرها.

‫تعليقات الزوار

7
  • مغربي في الغربة
    الجمعة 5 مارس 2021 - 16:28

    ممكن تكتبوا بعض اسماء هذه التعاونيات من فظلكم ؟ اريد ان اشتري منهم و اصدرها و مدن تواجدهم .
    و الله اني صادق و شكرا

  • عبد الحق تملاكوت
    الجمعة 5 مارس 2021 - 16:38

    شكرا هسبريس على هذه الالتفاتة الجميلة للزربية التزناختية خصوصا والنساجة التزناختية عموما ، أكيد زربية تازناخت لايعلى عليها وطنيا ودوليا بجودتها ورموزها وتشكيلها وابداعها المنبتق من اعماق نساء لايعرفن الا الاتقان وتفاني في العمل ، لذا على المسؤولين والدولة العناية بهذا الثراث وتحسين ظروف عمل النساجات وتقديم يد العون خصوصا في هذه الظرفية

  • nacer
    الجمعة 5 مارس 2021 - 16:43

    ما شاء الله كل احترامي للمرأة المغربية.
    لقد تم توفير مركز لتسويق منتجات التعاونيات للتعريف لمنتجاتها بالدار البيضاء مقابل لمحطة القطار الوازيس و فعلا لما تزور هذا المركز وكأنك تزور مختلف مناطق وطننا العزيز عبر المنتجات المعروضة لمختلف جهات المغرب.
    الفكرة هي أن يقوم هذا المركز بتسويق المنتجات عبر الانترنيت ويتيح الفرصة للجمعيات لربط شراكات مع دول اجنبية مع العلم أن المنتوجات التقليدية جد مطلوبة.
    برنامج انطلاقة هو الآخر يتيح فرص جد مهمة للتمويل ، يجب تنير هذه الجمعيات للفرص المتاحة لهم للمضي قدما لمنتجات هذه الأيادي والنعمة. عيد سعيد امي، زوجتي و كل اخواتي المغربيات.

  • خالد
    الجمعة 5 مارس 2021 - 18:36

    شكراً لكم على الاهتمام بزربية تازناخت وهي المحرك الأساسي لي إقتصاد المنطقة ولكن مع جائحة كورونا هناك عائلات تعاني بعد توقف هدا النشاط الدي كان مدرا لي الدخل قبل الجائحة تازناخت مشهورة بالزربية لكن الدواوير المزودة لتازناخت بالزابي مزالت مهمشة اقتصاديا وإعلاميا كدواوير ازناكن وخزامة وخصوصا تشاكشت واماسين

  • الله يعاونكم
    الجمعة 5 مارس 2021 - 19:19

    ويعطيكم الصحة
    الوان جميلة ومتناسقة بالاضافة انها من الصوف الخالص شكرا هسبريس للاهتمام بصناعتنا التقليدية الجميلة وناسها وعشاقها نطلب مراكز لتسويق الصناعة التقليدة في كل مدينة مغربية

  • سي كوريط
    الجمعة 5 مارس 2021 - 20:42

    على مغاربة العالم و مغاربة الداخل ان يتعاونو مع هاد التعاونيات بشراء منتجاتهم و تشجيعهم لهذا العمل…علينا التعاون بعضنا البعض في شراء منتجاتنا لنسير الى الأمام…و على أصحاب التعاونيات و لمعامل أيضا ان يشتغلوا بدون غش و بجودة عالية لنثق في كل ما هو مغربي…ساعتها نتكلمو عل تمغرابيت بكل فخر و اعتزاز.

  • بنعباس
    السبت 6 مارس 2021 - 13:37

    تستحق مدينة تازناخت التفاتة من لدن التاحتين لتسليط الضوء عن مجتمع عصامي اقلع بوسائله الثقافية التاريخية التقليدية لنفض غبار ضنك العيش ومواجهة الظروف الصعبة لتصريف المنتوج غير عابئين بتنكر وتهميش الوزارة الوصية التي لا تلتفت الى هذا الموروث الذي انقد مئات العائلات بالجعم والزيارة للدفع بالمراة، وأصبحت تازناخت مدينة متكاملة ، نشطة في ظرف زمني محدود سبق ان زرتها نهاية السبعينيات من القرن الماضي ، كانت عبارة عن حوانيت صغيرة من الطين، خاوية على عروشها خصوصا اننا وصلناها بعد منتصف النهار بقليل في شمس حارقة، اما اليوم بفضل الله وسواعد نسائها اللائي اجتهدن وبلغن المناصفة واكثر ، من اجل المجتمع وليس المناصب، شوارع في احياء عديدة، محطات البنزين، بنك،مؤسسات تعليمية

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 2

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 20

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 9

جدل فيديو “المواعدة العمياء”