جولة داخل مصنع "الكوفية" الوحيد في فلسطين

جولة داخل مصنع "الكوفية" الوحيد في فلسطين
الإثنين 23 دجنبر 2019 - 04:40

لا تسمع من داخله سوى أصوات الماكينات تعمل بكل قوة لإنتاج النسيج، مع ثلاثة أشخاص يمرون من حين إلى آخر حاملين سكينا في أيديهم لقطع الأجزاء الزائدة وتسويه الأطراف.. هو مصنع أسرة الحرباوي الوحيد داخل الأراضي الفلسطينية المشهور بصناعة “الكوفية” الفلسطينية التقليدية، والموجود في مدينة الخليل بالضفة الغربية.

يعود الفضل في ظهور “الكوفية” الفلسطينية، التي طالما اشتهر بها البلد العربي، للأخوة الحرباوي الذين افتتحوا هذا المصنع في ستينيات القرن الماضي؛ ولكنهم وجدوا منافسة قوية خلال السنوات الأخيرة من المنتجات القادمة من الصين والهند.

الكوفية الفلسطينية، التي اشتهرت بلونيها الأبيض والأسود أو الأبيض فقط، صارت رمزا للقضية الفلسطينية وللمقاومة في وجه العدوان الإسرائيلي، لا سيما أن الرئيس الراحل ياسر عرفات، القائد التاريخي للمقاومة في البلد العربي، ارتبط بها ارتباطا وثيقا وظلت ملازمة له حتى بعد وفاته.

10 دولارات مقابل الكوفية

اكتسبت بعض الكوفيات شهرة كبيرة بسبب تأكيد الرئيس الفلسطيني الراحل على افتخاره الشديد بالظهور بها في جميع المحافل الدولية؛ مثل كلمته أمام الأمم المتحدة، أو مصافحته لرئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين على هامش توقيع اتفاقية أوسلو للسلام في حضور الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون.

وكان أول من وضع حجر الأساس للمصنع الأب ياسر الحرباوي، الذي توفي العام الماضي، في 1961، قبل أن يتولى الإخوة الحرباوي إدارته، ويحتوي المصنع على عدد من الماكينات أقدمها تعود إلى عام 1967 وتم جلبها من اليابان، وفي الجهة المقابلة لإحدى الماكينات عامل ينقش رسومات يدويا.

ويسرد الأشقاء أن المنتجات الصينية والهندية أثرت سلبا على عملهم خلال السنوات الأخيرة، والسبب في هذا يعود إلى ارتفاع سعر التكلفة داخل البلاد، مقارنة بالأسعار الزهيدة لهذه المنتجات القادمة من الخارج؛ حتى أن الأمر وصل لإغلاق المصنع لخمس سنوات، بسبب عدم قدرته على المنافسة.

ووفقا للموقع الرسمي للمصنع على الإنترنيت، كان الإنتاج يتراوح بين 150 ألف كوفية سنويا خلال فترة التسعينيات؛ ولكنه انخفض في 2010 إلى 10 آلاف كوفية سنويا.

وفي خلفية المصنع، المزين بألوان علم فلسطين في كل مكان، يوجد ملصق كبير لعينات من المنتجات بتصميمات وألوان مختلفة.

وفي الأثناء، دخل أحد الزائرين من القارة الأوروبية واقترب لمعاينة الكوفيات، وسأل عن إحداها، ليطلب عزت الحرباوي من أحد العاملين أن يرافقه إلى الجزء الأمامي، حيث كانت هناك مجموعة من الكوفيات المعروضة على الحائط، وفي جانب آخر، الكثير منها مصفوف على أرفف.

وعندما سأل الزائر عن السعر، أجابه بأن ثمنها 38 دولارا، قبل أن ترتسم ابتسامة سريعة عليه، ويقول “لا، لا، ثمنها 38 شيكل (ما يعادل 10 دولارات)”.

وعلى الرغم من أن مسألة المساومة على الأسعار (الفصال) تعد أمرا شائعا في الشرق الأوسط، فإن جودة الخامات جعلت الشاب لا يفكر كثيرا في السعر، حيث إن القطن المصنوعة منه الكوفيات من أجود الخامات، حسب الأشقاء.

وباتت الكوفية رمزا داخل البلد العربي، حيث لا توجد مظاهرة داخل الأراضي المحتلة إلا وكانت حاضرة فيها سواء لتغطية الرأس أو الوجه أو حتى كوشاح للعنق، ولكنها تمكنت أيضا من تخطي حدود فلسطين.

وعلى الرغم من انتشار الكوفية في بعض البلدان الأوروبية كوشاح للكتف أو للرقبة للاحتماء من برودة الطقس، فإنها لم تنفصل قط عن هويتها السياسية، حيث أصبح معتادا أن يُنظر إلى من يرتديها على أنه متعاطف أو مدافع عن القضية الفلسطينية.

*إفي

‫تعليقات الزوار

1
  • سليم
    الإثنين 23 دجنبر 2019 - 07:17

    حتى لو كانت الكوفية المصنوعة في الصين رخيصة فأنا مستعد ان ادفع أضعاف الثمن الكوفية المصنعة في أرض فلسطين، ارض الانبياء ومسرى الرسول وبركة سيدنا عيسى عليه السلام، الاشياء لا تقاس بسعرها بل بما تحمله من معاني وروح

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 6

احتجاج أساتذة موقوفين

صوت وصورة
نظرة حقوقية إلى مدونة الأسرة
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:35 4

نظرة حقوقية إلى مدونة الأسرة

صوت وصورة
نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:15

نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"

صوت وصورة
الفهم عن الله | الاحتضان الرباني
الأربعاء 27 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | الاحتضان الرباني

صوت وصورة
نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان
الأربعاء 27 مارس 2024 - 17:00 1

نصومو مرتاحين | مشاكل الأسنان

صوت وصورة
البياض يكسو جبال مودج
الأربعاء 27 مارس 2024 - 12:15 2

البياض يكسو جبال مودج