الخيارات الواقعية تبعد نادي برشلونة عن "تيكي تاكا"

من منطقة إلى منطقة، ومن استعادة النسخة الأفضل من “صمام الأمان” مارك أندريه تير شتيجن إلى النجاعة الهجومية، ومن جافي قبل بوسكيتس، هذه هي أهم الملامح التي يمكن بها فقط فهم فلسفة برشلونة تحت قيادة تشافي هرنانديز الذي لم يخسر أي مباراة خارج ملعبه منذ جلوسه على مقعد المدير الفني لـ”البلاوغرانا” في نونبر 2021.

وما يؤكد هذه الحقيقة هو أن “البارصا” نجح في العودة بالنقاط الثلاث هذا الموسم وبانتصارين كبيرين أولهما على ريال سوسييداد (1-4)، ثم على حساب إشبيلية (1-3)؛ بينما فاز برشلونة، في الموسم الماضي، تحت قيادة تشافي في 9 مباريات من إجمالي 14 بعيدا عن ملعبه، مقابل 5 تعادلات.

إلا أن الاختلاف هو أن ذاك الفريق الذي أنهى الموسم المنقضي يختلف تماما عن قوام الفريق هذا الموسم، حيث نجحت إدارة النادي الكتالوني في توفير جميع مطالب تشافي فيما يتعلق بالصفقات، وقام بميركاتو صيفي رائع على رأسه روبرت ليفاندوفسكي، النجم البولندي وهداف “الليغا” حاليا، باستثناء البرتغالي برناردو سيلفا الذي استقر في النهاية مع ناديه مانشستر سيتي الإنجليزي.

وتتشابه النسخة الحالية من “البلاوغرانا” مع سابقاتها في جوانب قليلة. تيكي تاكا؟ في بعض الأحيان، ولكن دون أن تكون هي الأساس في طريقة اللعب مع تشافي؛ فمثلا في المباراة الأخيرة أمام إشبيلية، كان الفريق الأندلسي صاحب النسبة الأكبر من الاستحواذ (61-39)، وهدد مرمى تير شتيغن بفرص واضحة، ولكن كان “البارصا” أكثر فاعلية، وكانت التحولات الهجومية السريعة للفريق هي كلمة السر في الخروج بهذه النتيجة.

وهنا امتزجت سرعة لاعب بحجم الفرنسي عثمان ديمبيلي في المساحات الكبيرة، مع اللمسة الفنية لليفاندوفسكي، وكذلك الجناح البرازيلي رافينيا.

وتفسر لقطة الهدف الأول لبرشلونة تحديدا سبب إصرار تشافي على استمرار ديمبيلي مع الفريق، وهو اللاعب الذي لا يجيد في طريقة اللعب المركزية لبرشلونة؛ ولكنه يصبح خطيرا على أي منافس عندما يجد أمامه المساحات.

وتعيد هذه السرعة الممزوجة بالاعتماد على التحولات الهجومية السريعة إلى الذاكرة في بعض الأوقات، باستثناء بعض المقارنات، نسخة الفريق تحت قيادة لويس إنريكي، عندما كان ثلاثي الـ”MSN” ميسي وسواريز ونيمار، هم الثالوث الهجومي.

أما في الخلف، فيعتمد تشافي على الثنائي إريك غارسيا، الذي افتتح سجل أهدافه مع “البارصا” بالهدف الثالث في شباك إشبيلية، والوافد الجديد الفرنسي جولي كوندي، لاسيما أنهما يتميزان بقدرتهما الكبيرة على الخروج بالكرة من الخلف؛ وهو ما ظهر في مباراة (رامون سانشيز بيثخوان)، وتحديدا في لقطة الهدف الثاني الذي صنعه كوندي لليفاندوفسكي.

وفي الجانب الأيمن، لا خلاف على الأوروغوائي رونالد أراوخو الذي يبدو أفضل في وجود كوندي، وكذلك هناك حالة من الانسجام والتفاهم بينه وبين غارسيا، بينما سحب الواعد أليخاندرو بالدي البساط من تحت أقدام المخضرم غوردي ألبا في الجانب الأيسر.

وفيما يتعلق بالوسط، فإذا كان وجود سرغيو بوسكيتس أمرا لا مفر منه في مباريات الفريق في ملعب (سبوتيفاي كامب نو)، فقد يتغير هذا المعطى في المباريات الخارجية، مع بعض الصعوبات التي قد تظهر في المباريات الكبيرة، مثلما حدث أمام إشبيلية.

والسبب هنا بسيط، وهو أن “البارصا” يحتاج في المباريات الخارجية إلى الواعد جافي أكثر من بوسكيتس، مع قدرته أكثر في استعادة الكرة والتحمل وانتظار اللحظة المناسبة للتمرير، وهذا ما يتفوق فيه صاحب الـ18 عاما بحكم فارق السن مع بوسكيتس (34 عاما).

ولهذا، وخلافا لما كان يحدث في الماضي، لم تعد مسألة الاستحواذ على الكرة هي الأهم لبرشلونة، ولكنها مباغتة المنافسين.

وهذا تحديدا ما فطن إليه تشافي الذي عرف “من أين تؤكل الكتف”، وسرعان ما أتت النتائج، مع عدد من الأدوات المختلفة من أجل تقديم معزوفته الكلاسيكية أو الحديثة، وفقا لملابسات المباراة، وللملعب الذي يلعب عليه.