الحكومة بعد 100 يوم: الإنجازات والتحديات

الحكومة بعد 100 يوم: الإنجازات والتحديات
السبت 14 أبريل 2012 - 19:24

إجراءات لبناء الثقة في العمل السياسي يوازيها تحديات اقتصادية وسياسية

بعد مرور مائة يوم الأولى على الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، يظهر أنه من الممكن؛ مع تحفظ عن أي تعميم؛ تقديم قراءة أولية للمشهد السياسي في المغرب، ومن ثمة محاولة تلمس بعض معالم التحول المستقبلية في دولة تعيش حالة انتقالية في ظل سياق اقليمي ودولي متحول وغير مستقر وبدون ضمانات.

ثمة ملاحظتان أساسيتان يمكن استخلاصهما بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على تعيين الحكومة. الملاحظة الأولى تتعلق باجراءات بناء الثقة في العمل السياسي، والثانية تتعلق بالتحديات الإقتصادية والسياسية التي تعترض عمل الحكومة على المدى القريب والبعيد.

إجراءات الثقة:

اعتبر العديد من الباحثين والمحللين أن وصول حزب العدالة والتنمية في المغرب مؤشر دال على بداية تحول سياسي. فوصول حزب سياسي ذي المرجعية الإسلامية إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع يعتبر انفتاحا سياسيا يجسد الإرادة الشعبية لدى فئات واسعة من المجتمع، خصوصا وأن النتائج التي حصل عليها هذا الحزب تعكس تنامي تأثيره، ووصوله لمناطق وفئات اجتماعية جديدة من مختلف الجهات والطبقات الإجتماعية، وتجسيدا لرغبة في التغيير في إطار الإستقرار، خصوصا مع تراجع الاتجاه السلطوي إلى الوراء بعد اندلاع أحداث الربيع العربي، وحصوله على نتائج محتشمة في الإنتخابات الأخيرة.

لقد أعطى انتقال حزب العدالة والتنمية من المعارضة إلى السلطة “جرعة” من الثقة في العمل السياسي، وبداية لتصالح المواطنين مع صناديق الإقتراع، تعكسه فعلا نتائج استطلاعات رأي متخصصة، أبرزها الاستطلاع الذي أنجزته مجلة Actuel وجريدة l’économiste ، وقد توصلت إلى أن فئات واسعة من المجتمع تثق في حكومة بنكيران؛ الأولى توصلت إلى أن حوالي 82 في المائة من المغاربة لهم ثقة في الحكومة الجديدة، والثانية 88 في المائة؛ وهو ما يكسبها دعما شعبيا جنبا إلى جنب مع شرعية صناديق الإقتراع.

حاولت الحكومة خلال الثلاثة الأشهر الأولى ترجمة العديد من وعودها إلى واقع، من خلال القيام بمجموعة من المبادرات والإجراءات ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية وسياسية.

أولا اجراءات اقتصادية من قبيل كشف بعض جوانب اقتصاد الريع المعششة في بنية الإقتصاد، أبرزها مبادرات وزراء في الحكومة عبر الإعلان عن لوائح المستفيدين من اقتصاد الريع في مجال النقل عبر المدن، أو الدعم العمومي سواء بالنسبة للجرائد أو لجمعيات المجتمع المدني، أو متابعة بعض المتهمين في قضايا اختلاس المال العام. مدعمة بإجراءات تقشفية ورغبة في التدبير العقلاني للمال العام، مثل قرار حزب العدالة والتنمية إعادة ملياري سنتيم من أموال الحملة الإنتخابية إلى خزينة الدولة أو قيام بعض الوزراء بالكشف عن أجورهم وتخلي بعضهم عن بعض الامتيازات.

ثانيا اجراءات سياسية-أمنية، تتجلى بشكل أساسي في إطلاق سراح المعتقلين ألسياسيين أبرزهم معتقلو التيار السلفي على خلفية قضايا الإرهاب، وأيضا معتقلو مدينة بوعرفة.
وأخيرا اجراءات اجتماعية، أبرزها صندوق التضامن الإجتماعي الذي ستضخ فيه الحكومة 2 مليار درهم لدعم العائلات الفقيرة وتقديم خدمات اجتماعية خصوصا في مجال التغطية الصحية، وصندوق التكافل الإجتماعي الذي يشمل حوالي 40 ألف امرأة تعيل أسرة، وكذا الرفع من قيمة منحة الطلبة.

وقد غذى هذا العمل تغطية إعلامية دالة على عدد من وسائل الإعلامية التقليدية والحديثة مكنت من نشر والتفاعل مع مضامين هذه الإجراءات، أعطته إشعاعا مقارنة مع الحكومات السابقة.

التحديات الذاتية والموضوعية:

سيكون من المثالية تقييم أداء الحكومة خلال ثلاثة أشهر من دون الوقوف على أوجه القصور والتحديات القريبة والبعيدة المدى التي تحول دون تحقيق الأهداف المسطرة وتعيق مسلسل الدمقرطة في المغرب. وفي هذا السياق تبرز تحديات ذات طبيعة اقتصادية وسياسية-مؤسساتية.

على المستوى ألاقتصادي يمر المغرب هذه من وضع اقتصادي دقيق، مرتبط بحالة المناخ وآثار الجفاف على الاقتصاد الوطني خصوصا في المجال الفلاحي خلال هذه السنة، إلا أن هذا العامل العرضي لا ينبغي أن يغطي عمق الأزمة البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، المتمثلة أساسا في ضعف التنافسية الإقتصادية وزواج السلطة والثروة، مما يحتاج إلى عملية جراحية نحو تحرير اقتصادي للسوق أكثر فأكثر وفتحها أمام التنافسية، سيسمح ببروز فئات اجتماعية جديدة وتوسع الطبقات الوسطى، مما يؤدي إلى الإستقرار على المدى البعيد.

التحدي الثاني يرتبط بالعامل السياسي والمؤسساتي، يبرز على المدى القريب تحدي استمرار انسجام الأغلبية الحكومية وقدرتها على تكوين فريق منسجم وقوي له القدرة على تنزيل البرنامج الحكومي بفعالية، كما تظهر أيضا تحدي التنسيق وتدبير العلاقة مع المحيط الملكي، المواقف المتباينة بين بعض أعضاء الحكومة الحالية وسلوكات بعض الدوائر القريبة من القصر مع الحكومة الحالية ومواقفها المصرفة عبر قنوات معينة، يمكن أن تؤدي إلى تداعيات على مستوى الانسجام الحكومي والثقة بين الحكومة والقصر. أما على المدى البعيد فإن تحدي بناء تقاليد ديمقراطية مؤسسة على التعددية والحكم الرشيد والتداول السلمي على السلطة والفصل بين الثروة والسلطة يعتبر أحد الرهانات التي يفترض على الحكومة الحالية العمل على ترسيخها.

بعد مرور ثلاثة أشهر على حياة الحكومة الحالية، يظهر أن ضمانات إنتقال ديمقراطي بالمغرب ما زالت تحتاج إلى المزيد من النضج، فهو يعيش مخاضا سياسيا قويا، يحتاج من الباحثين وقتا كافيا للتقييم الموضوعي للمخرجات الممكنة على مستوى ترسيخ الديمقراطية. إلا أن محددات أخرى مثل دور باقي الفاعلين في المعادلة حاسم (المجتمع المدني، النخب ألاقتصادية المخزن…) ومدى نضج الثقافة السياسية داخل المجتمع نفسه تعتبر حاسمة لمستقبل الديمقراطية، وهو موضوع مقالة لاحقة.

‫تعليقات الزوار

14
  • Xchomeur
    الأحد 15 أبريل 2012 - 00:32

    من غير المعقول محاسبة الحكومة بعد مرور هذه الفترة الوجيزة ولكن ماذا تعمل الحكومة إزاء مدراء مؤسسات عمومية ثبت ولاؤهم لوزراء في الحكومة السابقة خاصة وزارة المالية و نشر تورطهم في الصحف الوطنية و تقرير المجلس الأعلى للحسابات من توظيفات للأقارب و الأصدقاء و تعامل أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه لا مسؤول في إدارة هاته المؤسسات فهذامستوى مخزون العملة الصعبة الذي قارب المستوى الذي كان عليه بداية الثمانينات و هاهم يسارعون الزمن من أجل ترسيخ من استوظفوهم واتخاذ مجموعة من التدابير التي لا جدوى منها  كتتغيير معالم المؤسسات و إعادة هيكلتها وانتهاج ما يمكن وصفه بسياسة الأرض المحروقة بعد ما أصبح من المؤكد رحيلهم والتحاقهم بذوي نعمتهم في المعارضة.

  • لحمدات
    الأحد 15 أبريل 2012 - 03:53

    رئيس الحكومة هو الذي يختار مدراء المؤسسات العمومية بما فيها حتى الامن. الحزب الذي قاد الحكومة السابقة شريك لحزب المصباح في محاربة الفساد وفي برمجة الاصلاحات منها الجانب المالي. الذي انجز بشكل ملموس هو الزيادة ب 6.7 من ميزانية رئيس الحكومة و ميزابية القصر بنسبة اكبر. ربما لهذه الزيادات مبرر وهو ان الحكومات السابقة جمدت الزيادة فيها لسنوات طويلة. حكومة التناوب قلصت الذين الخارجي الى اذنى مستوى وحكومة الاسلاميين تعيدنا الى ما قبل 1998 و تقترض اكثر من 3 مليار اورو من البنك الافريقي للتنمية بفوائد حتى وان كانت حرام كما كانوا يدعون. البنك الاسلامي الذي سيعطي قروض للدولة والافراد و بدون فوائد كان مجرد تكتيك انتخابي مفضوح. شكرا هسبريس على النشر

  • تارودانت
    الأحد 15 أبريل 2012 - 09:46

    واش لمشكل مبين لمر او رجل مكيتحل فالمحكمة على عمين اكثر ابغيت بنكيران احل المااااشكيل ديال الدولة كولها فخمس سنين ماكنضنش

  • مصطفى بن عبد السلام
    الأحد 15 أبريل 2012 - 14:19

    الأخ مصباح حاولت ان تقارب الموضوع موضوعيا ,لكن يظهر تعاطفك مع المصباح ربما بحكم القاسم المشترك بينكما.احيلك على الرد عند الدكتور حبيب عنون في المقال المنشور في منارة بريس حول تقييم 100 يوم.بطبيعة الحال ستجد الكثير من النقط المختلفة وهذا طبيعي .

  • said2
    الأحد 15 أبريل 2012 - 15:51

    الحكومة تطلب الوقت عندما يتعلق الامر بحقوق الشعب اما في ما يخص القمع والاعتقالات والاختطافات وهدم البيوت والتهديد بالاقتطاعات فهي لها السرعة والجراة في التنفيذ..حتى ملف التطبيع فاننا نرى الحكومة تسارع الخطى في تطبيقه الاسرائليين دخلوا البرلمان والمغرب ارسل وفدا للاحتفال مع ما يسمى اخواننا اليهود الذين يقطنون دولة اسمها اسرائيل…تطلبون الوقت لتجتازوا اعصار الربيع العربي فقط..بنكيران لا يتجرا الا على ابناء الشعب..اما ماهو ضد الشعب فهو يسارع لتنفيذه وتبريره..انها حكومة القمع والتطبيع..فاتكم القطار

  • hassan Maroc
    الأحد 15 أبريل 2012 - 18:14

    Nous craignons, et c'est très probable, que le makhzen arrête ce soi-disant transition démocratique dès qu'il s'assure que la vague de protestation politique est amortie.Nous espérons qu'il le fera pour créer de nouvelles conditions d'accumulation de la colère populaire et donc, à terme, provoquer une révolte qui lui sera fatale

  • عبد الله
    الأحد 15 أبريل 2012 - 18:47

    المائة يوم تراعى عندما تكون الحكومة مكونة من افراد لهم نفس التوجهات و القناعات لا ان تكون مرقعة كجلباب مولاي عبد القادر الجيلالي (او : الجيلاني ) .
    و ايضا يتعين ان تكون المدة هادئة حتى يتسنى للوزراء ان يعكفوا على الملفات و ينصتوا الى ضمير المواطن لا ان يشوش عليهم حتى قبل تعيينهم من طرف الملك و مصادقة ( البرلمان ) على البرنامج الحكومي باثارة الفوضى و الشغب في اماكن مختلفة من ربوع الوطن حيث الكل ينادي بانصافه و احقاق حقه متناسيا ان المسؤولية صعبة و الارث ثقيل قد يستعصي على عفاريت سليمان عليه السلام …..

  • مغربي الى ان يرث الله الارض
    الأحد 15 أبريل 2012 - 18:55

    مقاربة موضوعية للواقع السياسي الحالي في البلاد وأداء الحكومة التي يقودها حزب المصباح …هناك متغيرات ايجابية لكنها تبقى مؤقتة للاسف الشديد لان التجارب علمتنا ان المكاسب في هذا البلد تبقى دائما مؤقتة ورهينة بموازين القوى داخليا وخارجيا ، أما أن يستحق الشعب المغربي ديمقراطية حقيقية يومية قوامها ملكية حكامية رمزية فوق الأحزاب توحد المغاربة وحكومة مسؤولة امام صناديق الاقتراع تدبر الشأن العام وتحاسب على كل شادة وفادة بعد نهاية ولايتها وقضاء مستقل فعليا فكلها تبدو هي الأخرى مؤقتة الحيطة والحذر سيدا الموقف بكل وضوح رغم أننا مع الخطوات الاصلاحية ومع الحكومة الا أن اشكالية الحريات الفردية والازمة الاقتصادية التي بدأت تداعياتهاتصل الينا تجعلنا على حذر مع الاشادة طبعا بخطوات محاربة الفساد التي ظهرت بشكل واضح على يد هذه الحكومة المطلوب مزيدا من الخطوات حتى لا يسود الشك لدى الشعب من جديد وتستجمع قوى الفساد كل طاقاتها للهجوم المضاد وهي تخوض حاليا وبشكل فعلي حربا ضروسا ضد الحكومة اختلفت اساليبها ووسائلها ولذا يجب استثمار الرصيد الشعبي لتحقيق المزيد من المكتسبات ووضع حد لمناورات حكومة الظل كالعادة

  • Mouhcine
    الأحد 15 أبريل 2012 - 18:55

    Puiske Benkiran est responsable des nomination des Directeur des établissement publiques il fo qu' il rend des compte sur leur comportement et surtout les directeur que la cour des comptes à epinglé. Kes kil font encore en poste si non garantire les rentes de leur amis et familles

  • معلق أو صافي
    الأحد 15 أبريل 2012 - 19:16

    الحكومة هي لي كاتْحْكم أو كاتْحْكّم أما هادو غير كراكيز لا ناقة لهم و لا جمل أتوا فقط لتغيير الديكور…ما علينا غي نتفرجوا و النتائج راها بدات تبان…

  • حميد كلميمة
    الأحد 15 أبريل 2012 - 21:47

    السيد مسكين ديما ا قول نقول الحقيقة الشعب المغربي ولا مقادش نمشي فحالي انا هدي الكلمة لبقات فدهني البرنامج ماقريتوشي غير الرجل ابقا فكلمت شوف عليوة كل مرة اهضر احيد الفيستا اتسببا علينا فخراجاتوا الطول افضح قالوا شي فلا
    ولا واحد مادار ما شاد المصباح لشحد ادير قال ارى نقول لهاد الناس راني مدارت والوا امخدت والوا اتزهت ركبت القطار….عفاكم فكروني شنوا كان برنامجنا شكون حافض والله كترت الملفات الواحد داخ بدا ابوس قلولي فين الزمزامي اقولي ما حكم البوس امراة مشركة اهو حلال ام جهاد

  • ناقوس الخطر
    الإثنين 16 أبريل 2012 - 09:33

    أشياء خطيرة تقع في مكتب الصرف في صمت غريب من الوزارة الوصية. فهل هذا يعني أن هناك تواطؤ؟؟؟

  • dba
    الإثنين 16 أبريل 2012 - 13:05

    على الحكو مة ان تتخد اجرءات شجاعة في اقرب وقت ممكن ادا ارادت ان يحترمهاالشعب فالشعارات يجب ان تترجم الى قرارات كمحاسبة لصوص المال العام والغاء الامتيازات بالنسبة للموظفين الكبار والكشف عن الموظفين الاشباحوتبسيط المساطر الادارية الى غير دالك
    المواطن يجب ان يشعر بان هناك تغيير فعلي وليس مجرد كلام

  • ابحيح رضوان
    الخميس 19 أبريل 2012 - 21:52

    في البداية، اود ان اخبر الجميع بان نتيجة عمل اي حومة او فريق حكومي كيفما كان لا يمكنها ان تظهر في مائة يوم او سنة او حتى خمس سنوات .
    حيث انه و نتيجة لكثرة المشاكل التي تعرفها بلادنا و المتراكمة منذ سنوات لا يمكن حلها بين عشية و ضحاها ، لدا فانا مع ان تستمر هذه الحومة في القيام بعملها و تنفيذ برامجها المسطرة .
    فاذا كطنا نؤمن بالديمقراطية فلياخذ كل ذي حق حقه ، و لا بد من ترك هؤلاء الناس يشتغلون و ليساعد كل على قدر طاقته ، و يجب ان لا ننتظر الزلات في اقرب زاوية حائط لنشهر سهام النقض ضدهم ، فكما اخذ الاخرون فرصتهم كاملة يجب ان تاخذ حكومة عبد الالاه بنكيران هي ايضا فرصتها كاملة .

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس