نور الدين الصايل .. "مايسترو كبير" يودع الحياة الفنية في زمن الجائحة

نور الدين الصايل .. "مايسترو كبير" يودع الحياة الفنية في زمن الجائحة
و.م.ع
الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 15:00

كان لا بدّ أن ينزل بكامل ظله ليُعاند “مأزق” الوجود على خشبة “الموتى”، أولئك الذين رحلوا من قبله تباعا، هل كان عليه “التّريث” قليلا حتّى تمتلئ الخشبة وتثور الأرواح على رتابة “الانتظار” الأزلي. هكذا هو نور الدّين الصّايل، لم يكن يقوى على منازلة فداحة “الخسارة” الكبرى في زمن “الوباء”، كيف زملاؤه يسقطون ويظلّ هو يتقمّص دور “المتفرّج” المنبهر.

رحل “المايسترو” الكبير في زمن السّقوط الكبير، وفي رحيله استحضار لصرامة الفيلسوف العاشق للتّلفزيون والسّينما المتشبّع بالفكر “النّقدي” ومبادئ مدرسة “فرانكفورت” التي تجعلُ من الفنّ السّابع صناعة “ثقافية” وليس سلعة متعفّنة. في السّبعين من عمره، قرّر الصّايل أن يتمرّد على الشّاشة والسّيناريو والكتابة ويخترق حدود “الوجود”.

كان رجلاً سابق لزمانه، هذا العاشق للألوان والسّينما والمحتكِر لخيوط “الوحي” المتدلّية من السّماء، تقول عنه زوجته نادية لاركيت: “أفكر قبل كل شيء في أبنائه الثلاثة: نجيب ومراد وسليمان، ليلى زوجته الأولى، شكيب… وعائلته الصّغيرة. قصتنا بدت مستحيلة ومع ذلك… استمرت 20 عامًا! الرسالة الأخيرة ستبقى محفورة إلى الأبد ارقد بسلام”.

أمّا المخرج المغربي محمد مفتكر، فكتب في ما يشبه رسالة وداع موجّهة إلى صديقه “الكبير”: “كنت أستمع إليه يتحدّث في الرّاديو عن شيء لم أكن أعرفه جيّدا في ذلك الوقت، وقبل أن نراه يعرض أفلامًا على الشاشة الصغيرة، أفلام كانت غريبة ولم يكن من الممكن للطالب الشاب الذي كنت عليه الوصول إليها”.

وأضاف مفتكر: “كان الرجل يتحدث عن شيء واحد فقط، السينما ولا شيء آخر. كل شيء، حسب قوله، يدور حول هذا، السينما! السينما، ليس كفن للمشهد، ولكن كقضية إنسانية، السينما كنضال دائم، السينما انعكاس دائم للحياة، السينما الأوكسجين الذي بدأ يفقده في الآونة الأخيرة بعد القيود التي فرضها هذا الوباء الملعون والتي ربما عجلت برحيله”.

واسترسل المخرج المغربي سالف الذكر في شهادته: “نعم، بفضل هذا الرجل، وفقط من خلال الاستماع إليه يتحدث عن السينما، قررت يومًا ما أن أصبح صانع أفلام. ذكرياتك ستظل دائمًا محفورة في تأملاتنا، في قلوبنا وفي أذهاننا … لم يمت نور الدين الصّايل، لأنه سيبقى دائمًا هناك، بيننا شئنا أم أبينا”.

المخرج المغربي محمد العروسي فضّل أن ينعي صديقه الصّايل برسالة طويلة خطّها على حائطه “الفيسبوكي”: “كان نور الدين الصّايل رجلاً عظيماً في مجال عظيم بالمعنى الحر للكلمة، ولو لأنه فن لا يمكن تقديره بالكامل إلا على الشاشة الكبيرة. لم تكن السّينما بالنسبة لنور الدين الصايل مجرد فن، بل كانت سبب عيشه، فماذا أقول، كانت حياته”.

وأضاف العروسي: “كان من محبي الحياة، ومن ثم عاشق السينما. في المغرب، كان بلا شك “مسيو سينما”، وهو لقب ينسب إليه العديد من المعجبين به وتلاميذه، وحتى ألد خصومه – وكان لديه عدد غير قليل – قد وافقوا على هذا التّشخيص”.
المخرج المغربي عبد الإله الجوهري كتب هو الآخر: “بلغنا للتو خبر وفاة السينمائي رمز الثقافة السينمائية بالمغرب، نور الدين الصايل. خبر سيترك الأسى في نفوس أصدقائه ومحبي شخصه وثقافته”.

وأضاف: “رحيل الصايل سيخلف فراغا في ساحة الفن السابع بالمغرب؛ نظرا لمكانة الرجل، الذي يشهد له أعداؤه قبل أصدقائه، بمكانته ودوره في تجذير ثقافة السينما بالمغرب”.

كما كتب الإعلامي في القناة الثّانية منصف السّاخي: “عزيزي سي نور الدين الصايل، أتذكر الوقت الذي قضيته على رأس شركة 2M كمهني صارم ومبتكر وعاطفي. مدير تنفيذي دعّم الشباب ووضع الثقافة في صميم عمله. أنا فخور بأن عقد التوظيف لعام 2001 يحمل توقيعك. وداعا سي نور الدين”.

الإعلامية في القناة الأولى صباح بنداوود تعود إلى مرحلة مهمّة من حياة الرّاحل “نور الدين الصايل الذي رحلت معه السينما اليوم…بدأ حلقات أحاديثه عن السينما عبر أمواج الإذاعة الوطنية والدولية التابعة للإذاعة والتلفزة المغربية كان يأتي صباحا في بث مباشر…حيث كان يقود سفينة هذه الإذاعة الرائد محمد القايد بن عبد السلام…الذي أتى به من الأندية السينمائية إلى أمواج الإذاعة.. كانا يعرفان بعضهما جيدا… لأنهما التقيا على عشق السينما”.

وأضافت بنداوود: “الصايل كان متحدثا بارعا وبن عبد السلام مخططا وموجها… برنامجه “الشاشة السوداء”، بنسختيه العربية والفرنسية، كان لحظة حقيقية في مجال تقريب الثقافة السينمائية من جمهور واسع. وكانت الإذاعة المغربية أحد الأبواب الرئيسية التي فتحت له، ليتلقفه بعد ذلك التلفزيون المغربي في برنامج “سينما منتصف الليل”، حيث تدفقت أفلام هيتشكوك وغريتا غاربو والتجارب السينمائية في الجزائر وتونس ومصر وأصبح “موعد الخميس” مقدسا عند جمهور المشاهدين”.

كما كتب الإعلامي والكاتب عبد الصمد بنشريف في نعيه الصّايل: “الفيروس اللعين يخطف منا نور الدين الصايل. كان كبيرا في كل شيء؛ في السينما، في الإعلام، في التسيير، في التوقعات في الأحلام. خبرته عن قرب؛ لأنني اشتغلت معه عندما كان مديرا عاما لدوزيم”.

وقد أسس الراحل، في عام 1973، الفيدرالية الوطنية لنوادي السينما بالمغرب والتي لعبت دورا رائدا في نشر الثقافة السينمائية في المملكة.

وبعد بداية مساره في القناة التلفزيونية المغربية الأولى، وفي القناة التلفزيونية الفرنسية “كنال بلوس أوريزون”، تولى الراحل الصايل إدارة القناة الثانية (2003-2000) ثم المركز السينمائي المغربي (2014-2003) والتي طبعهما بصرامته المهنية ومتطلباته الفكرية.

وستظل بصمة الفقيد حاضرة في عالم السينما الإفريقية، لا سيما أنه مؤسس مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية، الذي بات موعدا لا محيد عنه بالنسبة لمهنيي السينما من إفريقيا وخارجها.

‫تعليقات الزوار

16
  • مغربي
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 15:31

    تغمده الله بواسع رحمته و اسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا و ألهم اسرتيه و الذويه و محبيه الصبر والسلوان و حسن العزاء و أن لله و ان اليه راجعون.

  • عبد العالي
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 15:56

    لحظة الفراق صعبة و لكل شيء نهاية.
    و تستمر الحياة.

  • Ayoub
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 16:03

    رحم الله كل مواطن شريف خدم وطنه باعتزاز وشرف وامانة وانا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم…..

  • يوسسسسسسف
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 16:05

    #وما كان لنفس ان تموت الا باذن الله # صدق الله العظيم . غفر الله لنا وله. ارزق اهله الصبر يارب، و ارحمه .

  • محمد
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 16:43

    إنا لله و إنا إليه راجعون. اللهم ارحمه و أكرم نزله. اللهم اجعله من أهل الجنة. كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

  • البارودي
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 17:05

    اذا مات الميت فلا تقولوا ماذا ترك ولكن إسألوا ماذا قدم

  • mehdi wald el akkari
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 17:07

    allah yarhamou , mon prof de philosophie au lycée moulay Youssef à Rabat début des années 70 .. un homme de taille qui était droit dans ses bottes ..

  • عبده
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 17:26

    اصبحت -والله-اتخوف من تصفح قناة هسيبرس . فكلما طالعني وجه الا وانتابني الرعب من فقدان اسم اخر .. ضمن قافلة طويلة من الراحلين قبل الاوان . وهاهو احد المثقفين الجديرين بالتقدير و الاحترام يرحل في غفلة منا لكيلا يؤلمنا كعادته متواضعا خجولا باحثا عن الجمال . بفضله تمكنت من فهم قواعد الكتابة السينمائية.. و تعلمنا كيف نشاهد الافلام بعيون ناقدة .. عبر نادي السينما الذي كان ينظم بسينما الملكي بالرباط. وتتلوه مناقشة ممتعة و مفيدة .. . وعندما ادار “دوزيم”استطاع ان يطرد الميوعة و يجعل الثقافة تلامس كل شيء حتى نشرة الاخبار.. كان مهووسا بالثقافة التي كان يعتبرها خبزا يوميا وليس ترفا .. ولم يكن من عشاق المناصب و الالقاب ولذلك كان يحظى بالحب و التقدير اينما حل و ارتحل . سوف نفتقده .. كما نفتقد دائما المبدعين ..الذي يحتلون المكانة الجديرة بهم في سجل التاريخ..

  • العرايشي
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 17:31

    رحمة الله عليه ورزق اسرته الصغيرة الصبر والسلوان .انا لله وانا اليه راجعون كان ايتاذ الفلسفة في ثانوية مولاي يوسف بالرباط وكنت احد تلامذته في سنة 1970 لا اجد الكلمات التي تليق بالرجل لاعبر عن جهده وتعبيره وتفسيره باللغتين .انها سنة الحياة انك السابق ونحن اللحقون

  • تلميذ الصايل
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 17:45

    انا لله وانا اليه راجعون ، تغمده الله برحمته. درست على المرحوم مادة الفلسفة بالفرنسية في السبعينيات، وبفضله اصبحت عاشقا لأندية السينماءية في ذالك الوقت. يعد المرحوم الاب الروحي للسينما الهادفة في المغرب، لقد ناظل طول حياته في خدمة الفن السابع الرفيع.

  • moha
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 17:57

    Adieu l’écran noir, adieu cinéma de minuit, adieu un grand monsieur de la RTM, de 2M, du CCM et du Festival de Khouribga, de Tanger et même de Marrakech, un critique de talent, un scénariste, un grand cinéphile, un grand penseur du 7e art. Nous sommes à Dieu et à Lui nous retournons. Att yerhem moulana.

  • مواطن
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 19:26

    عزائي الحار في فقدان هذا العلم الثقافي السينمائي لأسرته الصغيرة ولذويه وأحبائه وأصدقائه .. لأسرة السينما والفن وللمغاربة كافة .. حين كان يتحدث الصايل كان الجميع يرهف السمع وينصت …سنفتقد حضورك الوازن في حقل الثقافة والسينما بالمغرب..رحمة الله الواسعة عليك ..ويا أيها الموت ترفق بنا فإنك تأخذ أفضل ما فينا..

  • تقني
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 19:33

    تغمد الله نور الدين برحمته ورضوانه
    رجل السينما المغربية بامتياز
    انا لله وانا اليه راجعون

  • منير
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 19:51

    زوجته نعته بكلمه ارقد بسلام ولا نعرف ان كان مسيحي او زوجته التي مسيحيه
    لهذا على السلطات التدقيق في ديانته قبل دفنه احتراما له ولاسرته اما ان يذفن في قبور المسيحيين ان كان مسيحي او المسلمين ان كان مسلم

  • ناصر الدين
    الأربعاء 16 دجنبر 2020 - 22:34

    انا لله وانا اليه راجعون
    تغمده الله بواسع رحمته و اسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين

  • jawad
    الخميس 17 دجنبر 2020 - 02:06

    رحمه الله كلنا ليها ورحم صلاح الدين الغماري

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات