الإعلام العمومي ... الإصلاح الكبير بالأهداف الصغيرة ..!

الإعلام العمومي ... الإصلاح الكبير بالأهداف الصغيرة ..!
الإثنين 16 يونيو 2014 - 23:50

قال وزير الاتصال إن إعلامنا العمومي ” مستقل “وأن هذا مكسب دستوري ؛ وبالتالي – ودائما حسب الوزير -فالمعركة هي أولا في مواجهة المضمون الخطير والهزيل للمنتوجات التلفزية المعروضة وثانياً من أجل إرساء حكامةً في التدبير وإخضاع الصفقات إلى مسطرة طلبات العروض ؛ هكذا فقط ؛ وببساطة برنامج الحكومة من أجل إرساء دعامة مركزية من دعائم الديمقراطية ؛ مادام إعلامنا كما يقول المسؤول الحكومي إعلام مستقل .

قد لا نختلف كثيراً حول تقييمنا لمضمون وفاعلية الرسائل المنبعثة من المنتوج الدرامي والفني ؛ قد نكون مجمعين حول ندرة الإنتاجات الوطنية الناجحة والإحترافية ؛ وقد لا نفكر كثيراً في دوافع سياحة المغاربة عبر خرائط القنوات الغير المغربية ؛ وإذا أرادت الحكومة أن تستفتينا فسوف نقول بصوت مواطن واحد أننا نستحق منتوجاً متطوراً هادفاًيحاكي تجارب دول تنتمي إلى جغرافيتنا السياسية والثقافية والحضارية وأن علاماتنا الفنية قليلة وأن عطاءها متفاوت وأننا لانملك تجارب متكاملة في هذه الصناعة؛ وأن مهنة الفنان والمبدع لازالت محفوفة بالمخاطر والإهمال والهشاشة والفاقة ؛ ؛ وقد تتكاثف تقاطعاتنا في تحليل الأسباب واقتراح المخرجات ؛ كما أننا بدون شك سنتوقف طويلا عند اشكالية الحكامة في التدبير في الإنتاج ؛ لننتهي إلى موضوع التعددية والهوية الوطنية والانفتاح ؛ لنخلص بعيداً عن المعارك المفتعلة إلى أن الهوية الوطنية لا تعني بالضرورة الثقافة الدينية كما أنها لا تعني الثقافة الغربية ؛ بل تعنينا كما نحن اليوم وكما كنا دائماً وكما حتما سنبقى ؛ مزيج حضاري مركب يتطور كل يوم ؛ يتجمل بكل روافده ؛ ينمو في تربته ؛ يمضي إلى الإستحضار العادل لكل عناوين هويتنا و من نكون ؛ فنحن لا نتشابه ولا يُفترض أن نكون كذلك ؛ كما أننا نتحول ونتغير ؛ تتفتق داخلنا مستجدات وتشحب في هويتنا زوايا ؛ وتبقى المعركة الأهم في تصوري بالإضافة إلى ترسيخ قيم الحرية والعدالة والمساواة هو استضافة كل روافد الهوية المغربية في الركح الإعلامي ؛ الذي بقي ممركزاً ممدنا وسجين الحواضر والجغرافية الاستعمارية !

أن ينطلق تناول الحكومة لو ضعية الإعلام في المغرب من مبتدأ كونه مستقل فلا شك أن الخبر لن يحمل في طياته إلا أهدافاً صغيرة تكتيكية تتعلق بمساحة وزمن التغطية المخصصة لرئيس الحكومة وأعضائها ؛ الشيء الذي كان سيكون ذا معنى وهدفا لو أنه تبنى عنواناً أشمل واقترح مطالب أعمق تتعلق بالأسرة السياسية كلها وطالب بإعادة جدولة زمن القطب العمومي لإعادة الإعتبار للسياسة ومرتاديها ؛ لو دافع عن فضاء يرحب بالحكومة والمعارضة والمقاطعين والمناضلين وثلة الممنوعين التقليديين من الأضواء ومن التغطيات المشروطة ؛ أهداف الحكومة لا تتجاوزالرغبة في تقمص دور الواعظ الحريص على تنبيه الناخبين إلى بريد رسائل التوجيه والوعظ والإرشاد ؛ ومحاولة تلوين البرامج المقترحة بنكهة تٓدَين وتسطيح الأخلاقيات في الرسائل المباشرة التي غالباً ما تأخذ صيغة النصح والإفتاء والإجابة انطلاقا من علوم الفقه والسنة على تساؤلات المتفرجين ؛ أو باستذكار مواقف السلف الصالح وكيف حلوا مشاكل مشابهة وماذا قالوا في مواقف معينة والتي تنتهي عادة باستخلاص فكرة وعبرة تصاغ بعد ذلك بسجع فصيح في قول مأثور ؛فهل ستعالج ويلات المجتمع بموعظة سحرية خاشعة من فقيه ؛ أم ستعالج بتحاشي تناولها في المنتوجات الدرامية على سوءها أم ستواجه بإنتاج درامي نظيف فاضل لا يعكس هول مجموعة من الظواهر المجتمعية المسكوت عنها؛ هل يجب أن يتغاضى المنتوج الفني عن تجارة البشر واستعمال النساء كمعروضات تجارية وسياحية ؛ هل سيسكت المبدعون حتى ينالون رضى الحكومة عن مناقشة حالات الانحراف والجريمة والدعارة التي لا تجد غير اللغة السيئة والمظاهر المنحرفة مسرحاً ووعاءً لها ؛ كيف سيعتبر المشاهد من وقائع لم يشاهدها ولم يُصدم حيالها؛ وهل يجب أن يستدعي المبدع مجرما شريفاً ومنحرفاً سوياً وبائعة هوى عفيفة وتاجر مخدرات صالح ؛ ومدمناً رياضياً وإلى متى سنتعذر بالإحراج الأسري والخجل من مشاهد حملها المنتوج الفني من حقيقتنا التي تعج بها شوارعنا وجرائدنا ومحاكمنا وفضاءاتنا العمومية وأمكنة العمل والدراسة والمنازل الصامتة والقرى المهمشة وغيرها ..! .

الأدهى أن الحكومة تقاتل من أجل طمس إشكالية اللاستقلالية وتعمل على جر المعركة إلى الحلبة الإديولوجية المربحة انتخابيا ولذلك توجه طلقاتها بعيداً عن حقيقة الإشكالية ؛ فالوزير ينطلق من كون المغرب سجل انتقاله الإعلامي وحقق مكسب استقلالية قطبه العمومي وأن مايغطيه اعلامنا السمعي البصري هو وطنناكاملا وهي اختياراتنا وتنوعنا واختلافنا السياسي والإجتماعي ؛ وهي قضايانا وتناقضاتنا وأصواتنا ؛ وحركاتنا وشبابنا القلق و”حاقدنا” المتمرد ؛ وحقوقيونا المتذمرين ؛ وعائلات معتقلينا الملتحين وحليقي الوجه ؛ وتأوهات شوارعنا وسكونها ؛ وهيئاتنا السياسية المنخرطة والمقاطعة وكل معتقداتنا وثقافتنا وعطشنا وجغرافيتنا وأمننا وخوفنا ؛ وأن إعلامنا حر ولسانه طليق وأبواقه متيقظة والولوج إليه عادل لكل التوجهات والتصورات والرسائل ؛ وأنه مرآة صادقة وعين يقظة وسلاح آمن في يد الديمقراطية والعدالة والمساواة والحرية ؛ وأنه سلطة كاملة قوية في يد الشعب ؛ وأن الإصلاح اليوم -حسب الحيلة الحكومية – هو تخليق الرسائل الموجهة وتشميع الماخور الميكسيكي وإخراج الظواهر المجتمعية السيئة خارج ضوء الدراما؛ وإخفاء البقع السوداء من بشرة المجتمع وتحاشي الخوض في انحرافاتنا ودعارة طاقاتنا وانتحار أبنائنا على عتبة المجهول ؛والإقتداء بقناة محمد السادس للقرآن وتحويل برامج إذاعتها المسموعة الى أفلام مرئية بعد مصاحبتها بصور لبعض الحيوانات والمناظر الطبيعية وشلالات المياه ؛ فقط وستحل العقدة وننفض أيدينا بعد أن أصلحنا قطبنا العمومي .

لا يجب أن نستغرب مقاربة الحكومة في قطاع الاعلام العمومي ؛ فالأمر لا يعدوا أن يكون امتدادا عرضانيا لمقاربة “انفذ بجلدك ” في كل المجالات ؛ بدءاً من تفعيل الدستور ؛ مروراً بصلاحيات مؤسسة رئاسة الحكومة وصولا إلى ملفات الفساد وقِران المال بالسلطة ؛ حيث تقوم القناعة الحكومية على استهداف الصيد السهل وركوب الموجة الآمنة واختيار الطريق الممهد وعدم دفع نفسها إلى التهلكة أو الاقتراب من المثلثات البرمودية ؛ واختيار الخصم السهل والمرمى الغير المحروس ؛ واليوم الساكن واللقمة الهنية ؛ والنكتة المسلية ؛ وتغيير المنكر بالدعاء عليه وهذا كل المسموح ..وهذا ما يسمى بالأهداف الصغيرة ..!!.

‫تعليقات الزوار

6
  • بلقاسم
    الثلاثاء 17 يونيو 2014 - 04:39

    حبذا لو اتيت انت وحزبك الذي تنتمين اليه بل واليسار المغربي بخطة طريق لاصلاح المنظومة الاعلامية
    لقد حكمتم البلد لسنين خلت وتوليتم كتيار اليسار حقيبة الاعلام وما يشهد المغرب من تخلف اعلامي وانفصام في الشخصية الاعلامية الا نتيجة لسياسات مارستموها لسنوات عدديدة واليوم وحين ارادت الحكومة مأسست الاعلام وجعله يخضع لدفتر تحملات شفافة هاانتم تفرون الى الامام وتحذرون المغاربة من المجهول.
    ارجوا ان تكون لديكم الجراة للاعتراف للمغاربة والاعتذار لهم لما كبذتم الدولة من تكاليف وما فعلتموه من اجرام اعلامي في حق هذا الشعب المسكين

  • محمد
    الثلاثاء 17 يونيو 2014 - 10:15

    اعلمي سيدتي ان ازالت هذه البذاء من الاعلام العمومي مكسب كبير لاتستهين به بذلك سنحافظ علي اخلاق ابناءنا وفلذات اكبادنا يقول الشاعر انماالامم الاخلاق مابقيت فان هم دهبت اخلاقهم ذهبو

  • ملاحظ
    الثلاثاء 17 يونيو 2014 - 12:37

    واختيار الخصم السهل والمرمى الغير المحروس ؛ واليوم الساكن واللقمة الهنية ؛ والنكتة المسلية ؛ وتغيير المنكر بالدعاء عليه وهذا كل المسموح ..وهذا ما يسمى بالأهداف الصغيرة ..!!.
    يا اختاه الكريم حسناء أبوزيد…مقالتك دائما في المستوى …وحسب اعتقادي؛ أنها تتضمن نقدا لجهات متعددة ؛مما فيها نحن…وخاصة السلطة التنفيدية والتشريعية بما فيها المعارضة….وما جملتك الأخيرة ؛التي افتتحنا بها تعليقنا خير مستند ؛أن أغلبنا وخاصة السياسيين-المعارضين …يخترون الخصم السهل…..والحائط الغير المحروس….
    هنيئا لنا بك….لكن حافظي على استقلاليتك؛ وموضوعيتك؛ ومصداقية ؛اتجاه من أثبت التاريخ انهم مصلحيين …؛حتى ولو كانوا من حزبك…رأسمالك هذه الموضوعية؛ والتحاليل التي تمتاز بها مقالتك؛ وأراؤك في قضايا ذات منفعة للوطن؛ والشعب…..اما الاعلام فاصبح جزيرة مستقلة بسبب عدم استطاعت الحكومة التذخل…المانع هي القوانين المنظمة للقطاع…ومسؤولية مجلس النواب الذي اعطاه هذه الجزيرة وما فيها من مال الشعب يتصرف…..

  • الباز الحكيم
    الثلاثاء 17 يونيو 2014 - 14:55

    حاليا الاعلام العام وسيلة لتضليل المواطن بتقديم مواد فاسدة ولا يختلف عن اي قطاع عام اخر سواء الصحة اوالتعليم او..وبكل موضوعية فان كل ما هو عام فهو فاسد ومنخور وعشوائي وتسوده الفوضى والرشوة وبيع الحق اوالتحايل عليه .وما زاد في الطين بلة وفسادا تحول بعض اصحاب الاقلام الى نصابين ومحتالين وافاكين وكذابين ،يصنعون الاحداث ويزورون الحقائق والتسويق لمن يدفع اكثر، ومحاولة تلهية المواطن عن طريق تقيم مواد لا تشبع ولا تغني من جوع ،بل تطبل للفساد والفاسدين حتى سكن جلهم الفساد والانتهازية واصبحوا يلهثون لنيل حقهم من الكعكة رغبة في الغنى وبطرق ملتوية وجبانة؟ ان من اسس البناء الاعلامي النزاهة والمصداقية والمسؤولية واحترام المواطن والذاث الى جانب القناعة والجدية والوفاء بالوعد والصدق في القول بكل امانة. اما الهرطقة العنادية المسيسة فلا تهم المغربي في شيء ,فمادام هو صاحب المال والممول من جهده وعرق تعبه، فهوالذي يخصه اعلامه، والاولى ياختيار مواده وتوجيهه للاستجابة لرغباته وتطلعاته ومنح الناطق بلسان الامة صلاحيات معقولة ومتزنة ورصينة واستقلالية تامة،تحترم الجدور وتنشذ المستقبل والتقدم والتنوير والتحرر .

  • brahim
    الثلاثاء 17 يونيو 2014 - 23:17

    سلام, اختي الكريمة حسناء, قررت ان اقرا مقالك بعد تردد لعل حسن مظهرك يجتمع مع حسن الفكر والثقافة والادب كما عرفنا عن الاتحاديين. في الحقيقة, موضوع مقالك حول الاعلام ذهب في اتجاه ايديولوجي براكماتي سياسي باعتبار انك تقولين ان اصلاحات السيد الخلفي في الاعلام العمومي هي جعل القنوات المغربية تكون على شاكلة قناة محمد السادس مع بعض المناظر الطبيعة وربما افلام تاريخية او ما شابه, يا اختي انا شخصيا لا اتابع هذه القناة الا نادرا, فالاسلام لا يعلم في التلفاز لان العالم مليئ بكل انواع القنوات, ومخطئ من يعتقد بانه يمكن التحكم في العقول والبشر بقناة تلفزية او قناتين, فانا متعاطف مع الحزب الاسلامي لكن نادرا ما اتابع القنوات المغربية فقط اثناء بعض البرامج الحوارية وافضل القنوات الفرنسية ايضا. المهم لا اعير للاعلام اهمية كبيرة. فكوني مرتاحة, ليس الاعلام من يوجه الناخبين انما عقولهم وتجاربهم وتربيتهم. يا اختي, دعونا من التنافس حول المقاعد,الم يكفيكم الاجر والتقاعد المريح؟ في نهاية المطاف السياسة عندنا تعني التضامن والاخوة والمساواة والحرية.نعم حرية الراي دون تحكم, ودون مقاطعة كلام الاخرين…..

  • amar
    الأربعاء 18 يونيو 2014 - 00:47

    ا نت عضوة في النخبة الثقافية وكذالك السيلسية انتظرنا من قلمك المتعود على الكتابة في هذا المنبر ان تجودي علينا ولو بجملة واحدة كتكريم او شهادة في حق الفقيد الدكتور الفقيد المهديالمنجرة الذي طالما تحدث عنكم كنخب سياسية وثقافية

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين