نعم الحروب قاسية ولا ترحم حيث تحرق الأخضر واليابس، ومع ذلك يمكن للحكماء الاستفادة منها وأخذ العبر، وهذا بالضبط ما أفلح فيه جيراننا الأوروبيين، حيث حولوا نقمة الحرب إلى نعمة. إذن كيف حدث ذلك؟
لقد عاشت أوروبا في القديم حروبا دينية طاحنة، لكن أخطرها كان في القرن الماضي بسبب تطور الأسلحة، والحديث هنا عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث كانت أوروبا مسرحا لها وتكبدت بسببها خسائر مادية وبشرية فادحة، فكانت الفكرة العبقرية هي تأسيس الإتحاد الأوروبي بهدف إنهاء الحروب المتكررة والدموية بين الجيران، وقد بدأت اعتبارا من عام1950، فكانت الجماعة الأوروبية للفحم الحجري والصلب كانطلاقة اقتصادية في توحيد هذه البلدان، وتثبيت السلام الدائم بين شعوبها التي تجرعت ويلات الحرب، والست دول المؤسسة هي: بلجيكا فرنسا ألمانيا وإيطاليا و لوكسومبورك و هولاندا.
لقد شكلت هذه الدول الست نواة الإتحاد، ليصبح العدد اليوم28 دولة وأخر المنضمين للإتحاد هي دولة كرواتيا التي التحقت في 1يوليو 2013، إننا ننظر بإعجاب وحسرة لهذا الإنجاز التاريخي، فلنأخذ على سبيل المثال اتفاقية “اشينغين” وحدها دون التطرق لباقي إنجازات الوحدة، وذلك على كل المستويات الدفاع المشترك و الاقتصاد العملة..، فمنطقة “الشينغين” يبلغ عدد سكانها أكثر من400ألف نسمة وتبلغ مساحتها4312009 كيلومتر مربع، فهي بمثابة دولة واحدة لأغراض السفر الدولي، حيث تم إلغاء جواز السفر وضوابط الهجرة على الحدود المشتركة الداخلية بين دولها.
إن الأوروبيين قطعوا أشواطا في توحيد دولهم، وبذلك تجنبوا الوقوع في أخطاء الماضي، فلم نعد نسمع بحروب داخل الإتحاد الأوروبي أو نزاعات مسلحة بين دوله، فهناك قوانين تحكم تصرفات الأعضاء. والمصيبة في إفريقيا و دول آسيا هناك مشاكل من كل الألوان:” حروب انقلابات مجاعات أوبئة..”، ومع الأسف الشديد العالم العربي والإسلامي يحتل”الصدارة” في هذه الأحداث، صراع على الحدود مع دعم المعارضين وتزويدهم بالسلاح لقلب الأنظمة”غير الصديقة”، ففي نظري لابد أن نستمر في تجرع وتذوق مرارة وويلات الحروب كي نشتاق لطعم السلام في النهاية، عندها سيفهم الحكام والشعوب أن طريق الديمقراطية وتحكيم العقل أفضل من العضلات و الدبابات والطائرات، فالأوروبيون خاضوا حروبا هلك فيها الملايين ثم توصلوا إلى حل يطفئ نار الحروب، فكان الإتحاد الأوروبي الذي جاء تتويجا لمجهودات حكمائهم بعد تأمل عميق في النتائج الوخيمة للحربيين العالميتين. وللأسف لازال العالم العربي والإسلامي لم يأخذ العبرة من الغرب، فكلما عقدوا اتفاقية وحدة يتم إفشالها بسبب تغير مزاج الحكام وحبهم السيطرة، والسؤال المطروح هو كم يحتاج العالم العربي والإسلامي من وقت ليفهم أن طريق الحروب الدموية لا تجدي نفعا؟
إن الغرب استفاق بعد خوضه لحربين عالميتين، ونحن لازلنا نحشد الجنود على الحدود و نستنفر كل إمكاناتنا لتدمير قدرات الجيران.
فالمضحك المبكي هي عندما نلتقي في مؤتمراتنا و”قممنا”، نفتتح هذه الملتقيات كما جرت العادة بـ آيات بينات من الذكر الحكيم، والفقيه الذي يرتل القرآن يجهد نفسه في إظهار حروفه و تبيين معانيه” إدغاما وقفا وغنة و إقلابا..”، وربما تناول آيات تدعوا للوحدة بين المسلمين وعدم الاقتتال بينهم وأنهم إخوة متحابين..لكن العكس هو الذي يحدث فترى المحاور والأحلاف والتآمر قبل المؤتمر وأثناء انعقاده وبعد انقضائه، فلو استمعنا وأنصتنا بقلوبنا وعقولنا ولو لمرة واحدة لفقيه”الافتتاح”، فربما قد نفلح و تنجح مؤتمراتنا في خلق وحدة حقيقية كما فعلها الأوروبيون قبل عقود.
وابالمعطي أش ظهرليك فالحرب بين لمسلمين؟أولدي الله يوحد لقلوب….
الخيل والليل والبيداء تعرفني # والسيف والرمح والقرطاس والقلم
نحن العرب أهل عقل وشجاعة فاعتز ياالمراكشي بعروبتك ولاتخدعنك حضارة الغرب