الخطاب الملكي .. ناغم المقال والمقام

الخطاب الملكي .. ناغم المقال والمقام
السبت 22 غشت 2020 - 16:25

بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك والشعب، وجّه جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، مساء يوم الخميس 20 غشت 2020، خطابا ساميا إلى الأمة.

استهل جلالته الخطاب باستحضار التحام الإرادة الملكية مع إرادة الشعب المغربي، في ثورة تاريخية لرفض مخططات الاستعمار. مستحضرا قيما لا يمكن أن تقوم الأمة المغربية إلا بها بغض النظر عن الزمان والمكان نحو الوطنية الصادقة، والتضحية والتضامن والوفاء، من أجل الحرية والاستقلال.

وباستقرائنا لتاريخ الأمة المغربية، نستنبط أنه كلما استحضرنا القيم المذكورة أعلاه كلما تجاوزنا الصعاب، والعكس صحيح. والمؤشر هو التفاني في القيم المذكورة بظهور وباء كورونا خلال فترة الحجر الصحي. وتجلى في التحكم في الوضعية الصحية، وتقليص التداعيات النفسية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الجائحة. مما جعل العالم يتحدث عن المغرب بكل إيجابية، وجعلنا نعتز ونفتخر ببلدنا لما حققناه جميعا ملكا وشعبا.

إذن، جلالة الملك يربط بين الماضي والحاضر؛ لأن القيم لا تتغير، مهما تغيرت الظواهر والسياقات والمآلات.

ومن ثمّ، وظف جلالة الملك مصطلح الدولة كفاعل رئيسي في مواجهة الجائحة. والعلة في ذلك هي أن الكل تعبأ من أجل هذه الخدمة الوطنية العليا تعت القيادة الفعلية لجلالته. وهذا ما عبر عنه المنطوق الملكي “تضافر جهود الجميع”. وفي هذا الإطار، بذلت مجهودات كبرى للاجتهاد في دعم فئات من المواطنين، ووضع خطة طموحة وغير مسبوقة لإنعاش الاقتصاد، ومشروع التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة.

لكن الملاحظ بعد رفع الحجر الصحي ظن مجموعة من المواطنين أن المعركة انتهت ضد كورونا، وهذا خطأ فادح تسبب في وضعية وبائية صعبة، وغير مسبوقة بالنسبة للجميع.

ورصد جلالته الأسباب التي جعلت الناس، للأسف، يتراخون في الالتزام بالإجراءات الاحترازية كما هو الشأن أثناء الحجر الصحي. فمن الناس من يعتبر الجائحة غير موجودة، وهو بذلك مساهم بدون أن يشعر في نقل العدوى إلى الآخرين؛ وعلى رأسهم أفراد العائلة القريبة والبعيدة. وآخرون يتعاملون مع الوباء بنوع من التهاون والتراخي غير المعقول. وبالتالي هم تجاوزوا الحدود والانسحاب من دائرة المنطق والمعقول.

وفند جلالته الفكرة السائدة التي تدعي أن المتقدمين في السن هم أكثر الضحايا، والصحيح هو أنها تصيب الأطفال والشباب والمسنين. إذن، نسبة كبيرة من الناس لا يحترمون التدابير الصحية الوقائية مع الإشارة إلى أن الدولة وفرت هذه المواد بالسوق، ويمكن أن نؤكد أن 80 في المائة من هذه الوسائل تصنع بالمغرب.

إذن، جلالة الملك يعتبر السلوك المتمرد على توجيهات الدولة “غير وطني ولا تضامني”. ويكيف جلالته مفهوم الوطنية والتضامن على حسب نازلة وباء كورونا؛ لأن المصطلحات تنزاح حسب السياق، وبالتالي فليس لها تعارف قارة وإنما دينامية ومتحركة بتحرك السياق والنوازل.

إذن، نحن أمام تزايد عدد الإصابات، حتى على مستوى الأطر الصحية المكلفة بمهمة العلاج الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل صحة المواطنين.

إذا استمر الوضع بهذه الشاكلة، “فإن اللجنة العلمية المختصة بوباء “كوفيد-19″ قد توصي بإعادة الحجر الصحي، بل وزيادة تشديده”. وهذا سيكون قاسيا على المواطنين، وعلى الوضعية النفسية والاقتصادية والاجتماعية. وحتى لا نصل إلى هذا المستوى، ركز جلالته على الإجراءات التالية:

– التحلي بالسلوك الوطني والتضامني والمثالي والمسؤول من قبل الجميع.

– الالتزام الصارم والمسؤول بالتدابير الصحية.

– التعبئة واليقظة والانخراط في المجهود الوطني من قبل جميع القوة الوطنية، إضافة إلى ما تقوم به السلطات العمومية.

– التوعية والتحسيس وتأطير المجتمع للتصدي لهذا الوباء.

نستنتج من هذا الخطاب السامي بمناسبة ثورة الملك والشعب أن هذه الذكرى ولدت لنا قيم التضحية والتضامن والوفاء من أجل تجاوز كل الصعاب، فإلى أي حد سنستحضر هذه المقامات العليا من أجل مواجهة وباء كرونا في تناغم مع المقال والمقام الذي اتسم به الخطاب الملكي؟

إن الخطاب دق ناقوس الخطر وعبر عن تخوف من تطور الأوضاع لا قدر الله دون مؤاخذة ولا عتاب، وهذا درس بليغ بيداغوجي قد يكون له الوقع أكثر في نفوس المستمعين؛ لأنه صادر عن ملك البلاد وأميرها الذي جعل منذ بداية الوباء الأولوية الأولى لصحة المواطنين. فهل سيرد المواطنون التحية بأحسن منها لملكهم وسلطانهم وأميرهم، الذي يغار عليهم وعلى صحتهم ووضعيتهم؟

إن جلالة الملك على يقين تام بأن المغاربة سيرفعون التحدي، ويقتدون بقيم أجدادهم، في تشبثهم بروح المواطنة والوطنية الصادقة لما فيه خير البلاد والعباد. لذلك، يمكن أن نعود إلى الثقافة التي كانت سائدة أثناء الحجر الصحي دون أن ندخل فيه. كل هذا من أجل التنزيل السلس لمشاريع إنعاش الاقتصاد، وتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة في ظل تحكم منطقي للوضعية الصحية. ومن ثمّ، ننادي من هذا المنبر الالتزام بنداء الوطن والتشبث بالثوابت نظريا وعمليا واستحضار تاريخ الأجداد والالتزام بالتلازم بين الحقوق والواجبات، واحترام القانون؛ لأن كل هذا مرتبط أولا بتربية الذات لأن رحم الله عبدا جعل الله له واعظا من نفسه. ولا يومن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه. والله نسأل أن يرفع عنا البلاء والوباء، ويحفظ أمتنا من كل مكروه آمين.

‫تعليقات الزوار

3
  • فريد
    السبت 22 غشت 2020 - 17:52

    الكاتب يتحدث عن القيم التي لا تتغير وعن التضحية في سبيل الوطن، المشكل وهو وجود أجنبي مستعمر خالال تلك الحقبة، اليوم من هو المستعد للتضحية من أجل أن يستمر المقربون والفاسدون في إستغلال خيرات الوطن ، إذا كان شعارنا الله الوطن الملك فهذا يعني ،في الحالة القصوى، سنضحي بالملك من أجل الوطن وإذا لزم الأمر سنضحي بالوطن من أجل ديننا وربنا، لايمكن الإستمرار في "عَصْرِ" الفقراء لتغطية الإنتهازيين و"أخطاء" القصر الذي لم يعد قادرا بتعليماته تسيير البلاد ،حان الوقت لتتخلى الملكية عن الحكم وتكتفي بالسيادة لأن مواجهة الجياع ليست بالسهلة ولأن الجائع لا دين ولا قيم ولاضوابط له،وإلزام الجياع بالحجر الصحي بدون طعام "مساعدات"

  • amaghrabi
    السبت 22 غشت 2020 - 18:52

    مع الاسف بعض المواطنين يعتقدون ان المغرب يمكن ان يحرق المراحل بمعنى بقدرة قادر يصبح في مراتب الدول المتقدمة بمعنى كذلك ان البعض يقترح الملكية البرلمانية لانها ستؤدي الى مراتب عالية وستوفر للشعب المغربي كل متمنياته واحتياجاته اليومية واليوم اسمع من المعلق الاول التخلي عن الملكية لمواجهة الجياع وكأن سبب الجياع هو النظام الملكي,يبقى الانسان حائرا في هذه الافكار التي تسهل كل شيئ وتزيد زيوتا في النيران لان المواطن البسيط سوف يعتقد ان الملكية هي المعرقل للتنمية وهي السبب في تفاشي الفقر والجهل والتخلف,.انا اقول الحمد لله الذي في المغرب ملكية ,والحمد لله الذي جعل في هذا العهد الخطير ملكا واعيا صادقا ثابرا مجتهدا مسؤولا يحب الخير لشعبه ولوطنه ويتفانى لخدمة شعبه ,ففكرة التضامن نحو الكرونا التي دعا اليها جلالة الملك وجمعت أكثر من3ملايير اويرو هي مبادرة رائعة خففت كثيرا من المعانة على الشعب المغربي المحتاج ,لم تقم بها اي دولة في مستوى المغرب لان المغرب ليس من الدول الغنية المتقدمة ومع ذلك قام بمجهود من اجل التخفيف,ومع الاسف في شعبنا كثير من الذين لا يقدرون المبادرات وان كانت قليلة,فشكرا لجلالة ال

  • OBSERVATEUR
    الإثنين 24 غشت 2020 - 17:09

    dites nous vous les politiciens qu'avez vous fait pour le citoyen pauvre, vous êtes un parti politique avec plus de 120 parlementaires! et vous présidez le gouvernement, parlez nous de vos réalisations pour les millions de marocains pauvres et qui vont continuer à l'etre!!

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش