حامي الدين: هل هي بداية حل مشكل السلفية في المغرب؟

حامي الدين: هل هي بداية حل مشكل السلفية في المغرب؟
السبت 5 أبريل 2014 - 21:05

الكثير من التساؤلات أثيرت حول الدلالات السياسية لإمامة الجمعة للشيخ الفيزازي أمام الملك محمد السادس، وتوقف العديد من المراقبين عند الإشارات السياسية لصلاة الجمعة وراء شيخ سلفي محكوم بثلاثين سنة سجنا نافذة بتهمة مساندة الإرهاب، قضى منها تسع سنوات قبل أن يخرج من السجن بعفو ملكي..

ليس هناك شك في أن خطبة الفيزازي أمام الملك محمد السادس لم تكن نبتة حائطية، ولا قرارا عفويا بدون سابق تفكير، والأبعاد السياسية لهذه القرار المفكر فيه تبدو واضحة وهي: أن الملك محمد السادس ليس له مشكل مع الاتجاهات السلفية التي راجعت بعض مواقفها الفكرية والسياسية، وأصبحت على غرار الفيزازي..ومعلوم أن الشيخ محمد من محمد الفيزازي وهو معتقل سابق قضى تسع سنوات على خلفية تصريحات اعتبرت بمثابة تأييد للإرهاب، سبق له أن عبر عن مراجعات عديدة تتعلق بنبذ العنف وتصحيح مفهوم الجهاد بالإضافة إلى الموقف
من النظام الملكي ومن إمارة المؤمنين ومن الانتخابات والعمل السياسي في إطار الديموقراطية الحديثة..

وقد سبق له أن استفاد من عفو ملكي إلى جانب كل من عبد الوهاب رفيقي أبو حفص وحسن الكتاني وعمر الحدوشي..

الأبعاد السياسية لهذه الخطوة تعني أن الدولة ليس لها مشكل مع أمثال الشيخ محمد بن محمد الفيزازي وهي مستعدة لفتح صفحة جديدة معهم..

بدون شك هناك وعي عميق داخل العديد من المسؤولين بأن أخطاء عديدة ارتكبت في حق أبناء هذا التيار، وآن الأوان لبداية صفحة المصالحة معهم..

أرضية المصالحة ينبغي أن تستند إلى الاعتراف الواضح بالانتهاكات، وقد سبق للدولة أن عبرت بأن هذا الملف شابته بعض التجاوزات، لكن عليها أن تستند أيضا على نبذ العنف والاستعداد للاندماج الإيجابي في المجتمع..

علينا أن ننتبه بأن التحولات الجارية في العالم العربي كشفت عن لاعب جديد في الساحة السياسية هو الفاعل السلفي بتعبيراته المختلفة..

غير أن التيار الأكثر إثارة للقلق هو تيار االسلفية الجهاديةب الذي ينقسم بدوره إلى عدة تيارات، وهو ما يستدعي إبداع نوع من الذكاء الجماعي من أجل بلورة رؤية عميقة تحاول فهم الأسباب العميقة لبروز الحالة السلفية، وتعمل على تأطيرها ضمن مقاربة استباقية قابلة للاستثمار على المستوى الاجتماعي والسياسي..

التيار السلفي جزء من الحالة الإسلامية في العالم العربي، ومن هنا ضرورة الاعتراف به كظاهرة اجتماعية وسياسية، يمكن أن تمثل خطورة كبيرة إذا انزلقت بعض مفرداتها إلى العنف كاختيار منهجي..

في المغرب وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وعلى إثر التفجيرات الإرهابية الأليمة التي شهدتها مدينة الدار البيضاء ليلة 16 ايار/مايو 2003، ومنذ ذلك التاريخ ألقي القبض على عدد كبير من المحسوبين على التيار السلفي بالمغرب، ولازال حوالي 600 منهم رهن الاعتقال.

وقد أثارت ظروف محاكماتهم واعتقالهم انتباه العديد من التقارير الحقوقية والدولية ولازالت العديد من الملاحظات تثار إلى اليوم..

من خلال الإشارة الملكية الأخيرة يبدو بأن الكرة الآن في يد السلفيين للتعبير عن مواقف واضحة اتجاه النظام الملكي وعن إرادة العيش المشترك تحت سقف واحد مع الاعتراف بالتعددية الفكرية والسياسية وعدم الانزلاق إلى تكفير الآخر المختلف..

إذا ظهر بأن هناك إشارة من طرف هذا التيار عن طريق البيان الواضح الذي لاغبار عليه، فإن المطلوب أن ترد الدولة التحية بأحسن منها وأن تشرع في مصالحة تاريخية لنزع فتيل التوتر والمواجهة مع هذا التيار..

لقد سبق لبعض الجمعيات الحقوقية أن أطلقت مبادرة تشاورية حول هذا الملف، في محاولة لإيجاد تسوية شاملة ومتعددة المستويات ومتوافق عليها بخصوص السلفيين المعتقلين في إطار قانون مكافحة الإرهاب، وهي تسوية ينبغي أن تكون تتويجا لمسار تشاوري بين مختلف الفاعلين المعنيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتدبير هذا الملف، على مستوى الدولة من وزارات ومؤسسات وطنية ذات صلة بالملف، وعلى مستوى الفاعلين بالأحزاب السياسية، والهيئات العاملة في مجال حقوق الإنسان والحكامة السياسية، وكذلك على مستوى التيار السلفي، من سلفيين شيوخ وتعبيرات وممثلي المعتقلين ضمن هذا التيار.

تهدف هذه المبادرة، إلى التدرج في إعمال مقاربتها من خلال أربعة مستويات وهي:

تطبيع باقي المعتقلين على مستوى وضعيتهم بالسجن، بالحقوق والواجبات كما هي متعارف عليها في القانون وفي المعايير الدولية ذات الصلة وإعمال مبدأ التأهيل الاجتماعي والمصالحة، مع المعتقلين السلفيين المفرج عنهم.. وتوفير الدعم في اتجاه الاندماج في الحياة العامة والعمل على التأسيس لسياسة تصالحية لتصحيح الوضع المتوتر بين الأطراف ذات الصلة بهذا بالملف؛ والعمل على إطلاق سراح معتقلي السلفية ممن لم يتورط في العنف وفي جرائم الدم..

الإشارة الملكية الأخيرة تعني أن المقاربة التصالحية، هي مقاربة ممكنة وهي قادرة على امتصاص التوترات والتقاطبات الحادة التي تحيط بهذا الملف وإعطاء كل ذي حق حقه بدون إفراط أو تفريط…

العارفون بالخريطة الفكرية للتيارات السلفية والتمايزات القائمة بينها، يدركون جيدا أن قلة منهم صرحت ومازالت متشبتة بمواقفها المؤمنة بالعنف ضد الدولة ومؤسساتها، وهناك فئة أخرى أقدمت على مراجعات داخل السجن وقامت بتدقيق العديد من مواقفها التي تهم الدولة والمجتمع، وهناك فئة ثالثة ذهبت ضحية الصدمة التي أصابت المجتمع والدولة، واعتقلت بطريقة عشوائية.

المشكلة التي تطرح بالنسبة للتيار السلفي عموما، ليست مرتبطة بمعالجة مخلفات 16 ايار/مايو وما بعدها، ولكن هناك مشكلة أكبر ترتبط بالحاجة إلى إدماج الحالة السلفية بتعبيراتها المختلفة في الحياة العامة، وتجاوز النظرة النمطية التي يروج لها البعض ويصنفها كمجموعات اغريبةب غير قابلة للاحتضان داخل فضاء للعيش المشترك..

وذلك تطرف من نوع آخر، آن الأوان لتبديده بعد الإشارة الملكية الأخيرة..

‫تعليقات الزوار

9
  • عزيز
    السبت 5 أبريل 2014 - 22:08

    اذا كانت السلفية هي اتباع الحق الكتاب والسنة بفهم سلف الامة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم باحسان الي يوم الدي فبها ونعمة اما السلفية المخالفة لهذا فابحثو لها عن اسم اخر غير السلفية.ماعرف احد الحق او اتبعه ومافهم احد كتاب الله كالصحابة رضوان الله عليهم والتابعين رحمهم الله على خطى ابو حنيفة ومالك والشافعي وامام اهل السنة والجماعة احمد ابن حنبل والزهري والثوري نمشي قال رسولنا صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم القرون الثلاثة الاولى لها فضل علي باقي القرون

  • هناء
    السبت 5 أبريل 2014 - 23:43

    من الصعب احتضان المجتمع المدني لهذه الفئة مع ضمان حقوق الكل. لأن السلفي (ولو كان مسالما) يعتقد تمام الاعتقاد أنه المسلم الحقيقي بينما الاخرون ليسو بمسلمين و من هذا المنطلق يجتهد السلفي في نشر افكاره بكل الوسائل المتاحة(في المساجد و دور القرآن وخصوصا في المناطق الشعبية و عبر الانترنت. ..) أنا لا أدري هل الكاتب على اطلاع بما يحدث في الدول العربية كمصر و سوريا و ليبيا…يعني في اغلب هذه الدول بدأت السلفية في الانتشار بسلمية في الأول حتى اصبح الاغلبية سلفيون في ظرف نصف قرن والنتيجة (عدم استقرار و عنف دموي وتحرش و انحطاط مكانة المرأة …) كل هذا بسبب احتضان المجتمع للسلفيين دون وعيه بالعواقب. وتريدنا ان نحتضنهم بيننا؟ !!! لنستفد من تجربة من سبقونا في احتضانهم.

  • fedilbrahim
    الأحد 6 أبريل 2014 - 10:38

    مشكل السلفية لن تحل باحتواء النظام لهم او تكتيكات هذا الطرف او ذاك لانه يكفي قطع الاشواك دون الجدور .
    و اذ قلنا هذا لان السلفية والتطرف الديني هو نتيجة سياسات عمومية متبعة في التعليم و الاوقاف و الاعلام و لهذا يصح المثل القائل بان من يزرع الريح يحصد العاصفة لان المخزن هو من استورد بذور التطرف الوهابي و زرعها في التعليم في الكتاتيب لمحاربة اليسار فانقلب السحر على الساحر
    فالاتجاه الاسلامي في الدولة صنيعة المخزن يتارجح بين التطرف و الاعتدال بين خدمة المخزن و خدمة اجندات خارجية تبعا لمعيار المصلحة التي تقاس لدى المتزعمين بالدفع المسبق و المؤجل تطبيقا لنهج المؤلفة قلوبهم فهي في المزاد لمن يدفع اكثر لان مفهوم الوطن لا تراعيه مفاهيم الامة الاسلامية لديهم
    ليس في القنافد املس

  • مدني
    الأحد 6 أبريل 2014 - 13:03

    هي إشارات إيجابية وذات دلالات عميقة على العناصر المتطرفة أن تلتقطها وتفهمها حتى تتراجع عن غيها وضلالها فتعود إلى حضن الوطن والشعب وتنخرط في جهود البناء والتنمية . وما يزيد من أهمية الحدث أن المغرب مقبل على الانتخابات المحلية التي ستكون فرصة للتيار السلفي كي يعمل من داخل المؤسسات المنتخبة ويتعاطى بإيجابية مع المشاكل اليومية للمواطنين التي تحتاج ابتكار الحلول العملية وليس اجترار الفتاوى التخريبية . فالمغرب بحاجة إلى أفكار تبني وتقدم وليس فتاوى تقتل وتهدم .

  • zorro
    الأحد 6 أبريل 2014 - 17:27

    تغير الفكر السلفي أو مراجعة بعض افكارهم العشوائية يوضح ان الفكر السلفي مصاب بالزلل والخطأ ونتيجة طبيعية لتسبيق النقل الحرفي لكتب التراث ونسخها الى هدا الوقت. السلفي هو شخص غريب عن المجتمع انسان جاء من الماضي يحلم بقيادة احد جيوش الاسلامية ويمارس حلمه في الغزواة و خطف سبايا بنات الاصفر ونهب اموالهم وهدا ماصرح به العلامة ومحدت عصره ونابغة زمانه الحويني الذي اوجد حل اقتصادي مبهر هو غزو البلدان المجاورة لمصر ونهب اقتصادهم وخطف اطفالهم وبيعهم في سوق النخاسة عينة من الشيخ المريستان. السلفي عقله ليس ملكه هو ملك لشيخه يفخخه ويحشو فيه ويملئه بمايريد من أفكار ملغومة وجهادية تحرض على السلم الاجتماعي والعنف الفرق بين السلفية الفقهية والجهادية شعرة معاوية فقط وتسبيق الجهاد و أي سلفي من بائع سيكوك الى الحدوشي هو جهادي مفترض ينتظرون فقط ساعة الصفر ليظهروا اعمالهم التخريبية واساقط الدولة في الفوضى العمياء تم سيقيمون اماراتهم الاسلامية متل داعش في امارة الرقة يمارسون ماأنتجه تراث البخاري و فكر ابن تيمية و عبد الوهاب .

  • sa3id al maghribi
    الأحد 6 أبريل 2014 - 17:52

    نتمنى حل جميع المشاكل في هذا البلد السعيد لتعود المحبة التي جمعت المغاربة منذ امد بعيد , فالتسامح اجمل الفضائل واحسن الصفات يبعدنا عن التمزق ويوحد صصفوفنا لخدمة شعبنا ووطننا ليواكب الركب الحضاري والتقدم العلمي والتكنولوجي وراء ملكنا الهمام اطال الله عمره

  • abaran
    الأحد 6 أبريل 2014 - 22:29

    ظاهرة السلفية ، ظاهرة اكتست صبغة العالمية حيث أصبحت للعامة مواقف متباينة حولها اما عن فهم جزئي لها ام جهل بها للأسف ! عندما تناقش امر السلفي ، فٱعلم انك لا تناقش السلفية أوتوماتيكيا بمعناها الشمولي و العام مما يزيد الأمر لبسا ، و أخذ النقاش لأبعاد لا تليق بمستواه . اللحية ، القميص ، الخمار، … كلها معايير تميز السلفي عن غير السلفي و تزيد من دائرة النفور بين النوعين التي لم تعد تستحمل أكثر من هكذا ٱتساعا للأسف !!! ليس من حق أحد ان يمارس الوصاية على هذا البلد ، ليختار من يستحق الادماج و من لا يستحق ، فالسلفيين مواطنون مغاربة لهم مالهم و عليهم ما عليهم ، شأنهم شأن العلمانيين ، و الحداثيين … ، و ٱختلافهم لا يعني إرهابهم …

  • مصطفى المراكشي
    الإثنين 7 أبريل 2014 - 01:04

    إلى أصحاب التعاليق المعادية للسلفية:أربعوا على أنفسكم فالسلفية ليست منهجا دخيلا بل هي الاسلام الخالص من الشوائب ولا مبالغة .يبدو أن بعض المعلقين على المقال عندهم غبش في فهم السلفية خصوصا في ظل سياسة غسل الأدمغة وإعادة برمجتها التي تقوم بها بعض المنابر المناوئة غفر الله لها .فبالأمس القريب كان الأمير مولاي سليمان وملاي عبد العلوي من أشد الناس غيرة على السلفية عفوا على الإسلام .وكذا العديد من المفكرين والأدباء والمنظرين المغاربة فمالنا اليوم نولي ظهورنا لهذا المنهج الأصيل .وجملة القول أن السلفيين على الأقل يقتفون أثر من قال الله فيهم "فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا" والموفق من وفقه الله

  • NACIRI
    الإثنين 7 أبريل 2014 - 14:15

    قلب المغرب رحيم و يتسع لجميع أبنائه العائدين إلى جادة الصواب

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة