من القلب إلى القلب

من القلب إلى القلب
الجمعة 14 دجنبر 2007 - 01:39

النجاح الباهر الذي حققته يومية “الأحداث المغربية” في بداية مشوارها بفضل ركن “من القلب إلى القلب” ، الذي يتناول مشاكل الشباب خاصة تلك المتعلقة بما تحت الحزام ، جعل كثيرا من الآباء يحتجون على الجريدة بعنف ، بل إن لجنة تتشكل من بعض فقهاء مدينة الدار البيضاء زارت وقتذاك مقر الجريدة من أجل المطالبة بوقف ذلك الركن المزعج الذي جعل الكثيرين حسب زعمهم يخجلون من إدخال الجريدة إلى بيوتهم يومي الثلاثاء والخميس .


والحقيقة أن الاقبال الكبير الذي حظي به ملحق من “القلب إلى القلب” من طرف الشباب المغربي قبل سنوات كان من الممكن أن يكون أرضية خصبة لفتح نقاش جاد حول الأسباب التي تدفع شبابنا إلى الاقبال بهذه الكثافة الشديدة على كل ما هو مرتبط بالجنس ، وكان من الممكن أيضا أن يكون ملحق “من القلب إلى القلب” نقطة انطلاق علماء السوسيولوجيا لإنجاز بحوث علمية دقيقة ودراسات ميدانية حول الموضوع ، لكن مع الأسف الشديد ليس لدينا علماء ولا باحثون لديهم ما يكفي من الرغبة لفك الشفرات المعقدة لكثير من الظواهر التي يزخر بها المجتمع المغربي بكل طبقاته وفئاته ، ويفضلون عوض ذلك الجلوس على أرصفة المقاهي للتمللي في مؤخرات النساء ونفث السحب الكثيفة من دخان السجائر في الهواء مع إرفاقها بأطنان من الثرثرة التي لا معنى لها .


ملحق “من القلب إلى القلب” كان من الممكن أيضا أن يجعل كثيرا من الآباء والأمهات يراجعون أوراقهم من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة في علاقتهم مع أبنائهم من الجنسين ، عوض أن يقولوا بأنهم يخجلون من إدخال الأحداث المغربية إلى بيوتهم يومي الثلاثاء والخميس ، علما أنهم يشترونها فعلا ، ويحتفظون بها في غرف نومهم للاطلاع على المشاكل الجنسية التي ترد فيها ، فهم في نهاية المطاف يحبون قراءة تلك المشاكل ويستفيدون من الحلول التي يقدمها قراء الجريدة لبعضهم البعض ، لكنهم لا يملكون ما يكفي من الجرأة والشجاعة للاعتراف بذلك . لأن المجتمع المغربي مستعد أتم الاستعداد لالصاق تهمة الشذوذ واللواط والدعارة لكل من يتجرأ على الحديث عن الجنس بشكل مباشر وبالواضح . لذلك فقد كان كثير من القراء عندما يتوجهون إلى الكشك صباح يوم الثلاثاء والخميس لشراء الأحداث المغربية يلتفتون يمينا وشمالا حتى لا يضبطهم أحد الأصدقاء أو المعارف ويلصق لهم تهمة قد تقضي على سمعتهم الطاهرة بصفة نهائية ، فالحديث عن الجنس عندنا قد يضيف إلى صاحبه لقبا مزعجا لن يستطيع التخلص منه إلى الأبد .


السؤال المحير الذي لا يريد أحد أن يبحث له عن جواب مقنع هو : لماذا لقي ملحق من القلب إلى القلب ذلك الاقبال الكبير من طرف الشباب المغربي ؟ عندما نطرح هذا السؤال فإننا لا ننتظر الاجابة من الشباب ، لأننا نعرف مسبقا أن الاجابة الوحيدة التي سيتفقون عليها جميعا هي أنهم لا يجدون آذانا صاغية تستطيع أن تنصت إلى مشاكلهم الخاصة ، لا في البيت ولا في المدرسة ولا في أي مكان آخر ، لذلك عندما أتاحت لهم الأحداث المغربية الفرصة لافراغ ما في أجوافهم من المشاكل العاطفية والجنسية لبوا نداءها بكثافة قل نظيرها .وهنا سوف نطلب من الآباء والأمهات أن يقولوا لنا ماهي المهمة التي يقومون بها عندما يعودون إلى البيت في المساء . هل يتحدثون إلى أبنائهم وبناتهم ؟ هل يتحاورون معهم ؟ هل يستمعون إلى مشاكلهم الخاصة التي لا حصر لها ؟ هل يملكون ما يكفي من الحنان لاحتضانهم في اللحظات الحزينة ، وهل يملكون الشجاعة الكافية لضبط أعصابهم وألسنتهم وأيديهم أيضا عندما يسمعون آراء مخالفة لآرائهم العتيقة ؟ وطبعا فالجواب عن كل هذه الأسئلة لا يتطلب منا القيام بأي مجهود ، يكفي فقط أن تنظر إلى أي مراهق مغربي عندما يصطحب والده إلى السوق مثلا ، لترى كيف أن علاقتهما رسمية جدا وبروتوكولية إلى حد أنهما لا يتكلمان مع بعضهما إلا للضرورة القصوى ، وكأنهما لا يعرفان بعضهما البعض . ونفس الشيء يحدث داخل البيت ، الأب في الصالون يشاهد التلفزيون ، والأم في المطبخ غارقة وسط الأواني المتسخة ، والأبناء كل واحد منزو على نفسه في مكان ما لوحده رفقة هاتفه المحمول أو مع قطعة حشيش يستعد لتدخينها رفقة أصدقاء السوء في الشارع ، وحتى عندما يلتقي الجميع على مائدة الطعام يخفض كل واحد عينيه وينظر أمامه تماما كما يفعل المتهمون عندما يقفون أمام منصة المحكمة ، وحتى عندما ينفتح باب الكلام يكون ذلك فقط من أجل الصراخ والضرب على الطاولة ، الأب يشتكي من غلاء المعيشة وكثرة المصاريف ، والأم تشتكي من أعباء المنزل التي لا تنتهي ، ليصل الطرفان قبل نهاية وجبة الطعام إلى خصام حاد يجعل الأبناء يشعرون أنهم ليسوا سوى مجرد كائنات أخطأت طريقها وقدمت إلى الحياة في لحظة نشوة عابرة . فكيف تريدون من أمثال هؤلاء الآباء والأمهات أن يفتحوا حوارات هادئة في جميع المواضيع مع أبنائهم وبناتهم ؟ وهل تتصورون كيف ستكون ردة فعلهم عندما يفتح أحد الأبناء فمه للتعبير عن مشكلة عاطفية أو جنسية تقض مضجعه ؟ لذلك لا داعي لاتهام الشباب بالانحلال الأخلاقي ، فالمسؤول الأول والأخير عن كل هذه الانزلاقات الخطيرة التي يسقط فيها شباب اليوم هم الآباء والأمهات في الدرجة الأولى ، ولا داعي لاسقاط التهمة على ملحق من القلب إلى القلب ، فهو ليس سوى مكانا آمنا يلجأ اليه الشباب وحتى الكهول من أجل التعبير عن مشاكلهم الخاصة التي لا يريد أحد أن يصغي إليها . والذين يقولون بأن الشباب لم يعد يستهويهم ما يطرح على هذا الملحق فهم مخطؤون ، لأن السبب وراء انخفاض مبيعات الملحق يعود أولا وأخيرا وقبل كل شيء إلى أن مصادر المعلومات أصبحت اليوم متوفرة بشكل كبير ، سواء على الويب أو القنوات الفضائية .
مهمة الآباء والأمهات لا تنحصر فقط في الانجاب مثل الأرانب ، بل تتعداها إلى ما هو أهم ، إلى الاحتضان الدافيء في اللحظات العصيبة ، والاصغاء لأبسط المشاكل وأتفه الأسئلة ، والتحاور بشكل هاديء حول كل القضايا مهما بلغت درجة حساسيتها . فليس هناك ما هو أسهل من الانتقاد بلا مبرر ، وليس هناك شيء أسهل من رفع سبابة الاتهام وتوجيهها مثل رصاصة قاتلة إلى صدور الآخرين ، لكن الأصعب هو أن يقف الانسان لحظة تأمل طويلة مع نفسه لمحاسبتها ومساءلتها ثم يخفض عينيه ويثني سبابته الظالمة ثم يضعها وسط صدره . والكلام هنا بطبيعة الحال موجه كله إلى الآباء والأمهات وكل من تقع على عاتقه مسؤولية تربية الناشئة المغربية ، علهم يغيرون نظرتهم إلى الحياة التي تتجدد بصفة مستمرة ، ويكفوا عن دس رؤوسهم الصلبة وسط أكفهم مثلما تفعل النعامة التي تدس رأسها في الرمل عندما تحس بالخوف تاركة بقية جسدها عرضة لكل أنواع المخاطر …


almassae.maktoobblog.com

‫تعليقات الزوار

7
  • منال الملقبة بالصحافة
    الجمعة 14 دجنبر 2007 - 01:53

    السنيما المغربية ونوع الكتابة التي أرسلها إلى الجمهور الحقيقة المجهولة وتقديم العبرة إلى المواطن وقريبا سأنشر هده الكتب بإدن الله وأنا في خدمة الفن والسينما والكتابة لأي مخرج ومخرجة أفلام مسلسلات وتعليقي في هذا الملحق الجحود والهروب من المطالعة والتقافة والعمل والإجتهاد وهذا مايجعلبا ننظر نظرة تسودها الكآبة لهذا حاولت معالجتها بمغزى تأتر في القارئ بأخد جزء من الواقع وإدخال جزء من الخيال ووضع مقدمة مناسبة وعقدة تشوقنا للنهاية والحل والخاتمة فنحن المغاربة أدكى شعب فعلينا الإتحاد لخدمة بلدنا كالإجتهاد والمتابرة فالأسرة أول عامل مشارك فإدات تكسرت الأسرة انحرفت الأطفال وأنصح الآباء والآمهات بعدم إستعمال القمع لأنه يفتح باب كبير للأ مراض النفسية والأعصاب فواجب عليكم تعليمهم أمور الدين وكيفية الإنسجام مع الناس والتعامل مع مشاكله لتكوين شخصية قوية منذ طفولته أما التربية بالعنف وتعلميهم الكسل والضغط وعدم احترامهم والتشاجر أمامهم من أسباب آنحرافهم كتعلم شرب الخمر وتدخين السجائر وهذا بسبب عدم تحسيسهم بالحب رغم حبهم الشديد وإعطائهم المال بكترة بالنسبة لطبقة المترفة أما بالنسبة للطبقة الفقيرة كا لظغط والقمع والعنف أما بالنسبة للبنات الطبقة المترفة الإنشغال في السفر والسهرات ويبدلون لهم الحنان بالأموال وهي تصبح طائشة ومغرورة وعرضة للإستغلال من طرف الشباب ومراقبة من طرف العصابة أما بالنسبة للفتات الفقيرة تجد شخصيتها ماتت بالقمع والضرب وتتحول إلى بنت كادبة وتستغل أوقات الدراسة في الخروج والإرتباطات العاطفية أو لا ترتبط وقد تصيب بمرض الإكتئاب وتنتحر فالأسرة مدرسة تربوية يجب أن تعلم أولادها الصلاة والأخلاق والدهاب إلى المساجد تم بعدها وسائل الإعلام فعلينا المساهمة في توعية المواطن فالمجتمع خطير كغابة كبيرة بها وحوش وهم اللصوص والعصابات والمشعودين هذه هي الحقيقة المجهولة فمعظمنا مثلا نفضل مشاهدة شريط عاطفي بدل شريط واقعي أو يجمع الجزئين معا لأننا ننفر من الواقع ولا نحب النصائح بقلم الكاتبة منال بوشتاتي وشكرا

  • منال الملقبة بالصحافة
    الجمعة 14 دجنبر 2007 - 01:41

    هدفي تقديم العبرة للمجتمع من خلال تقديم هذا التعليق تحت عنوان الحقيقة المجهولة وسأنشر بإدن الله قريبا العديد من الروايات والقصص والقصائد التقليدية وحلمي تقديم السينما المغربية وأنا في خدمتها بأ حسن قصصي وأنا في خدمة أي مخرج ومخرجة ومطرب ومطربة أعرفكم بنفسي منال بوشتاتي الملقبة بالصحافة لأني أحب هذه المهنة بدأت في التأليف منذ أن كان سني 13 سنة شعبتي الآداب والعلوم الإنسانية أفضل المواد الفلسفة والتربية الإسلامية أحسن الأساتدة عندي أستادة اللغة الأنجلزية الوردي أفضل صديقة أمي ربيعة البقالي وحفصة البقالي بنت خالتي أفضل مدينة عندي الرباط أتمنى العيش فيها أفضل الرياضات الكراطي أفضل بلد عندي المغرب أحبه كتيييييرا فأنا كالسمكة لا أستطيع العيش خارجه وفخورة به ومن أجله أكتب لأوعظ المواطن وآخر المعلومات عن منال صحافة أعيش بالعاصمة العلمية فاس أصلي من أحميان بجهة مولي يعقوب عشت بمدينة فاس 16 السنة ومازلت أعيش فيها تاريخ الولادة 1991 البرج الدلو مكان الإزدياد كلميم صفاتي حنونة عصبية كتيرة التفلسف يتوفر بي طباع السداجة والتقة العمياء أكره الحقد ولكني أسامح ولأنساها لمن أعز أما الصفات الأخرى أحب الأفلام المغربية الدرجة الأولى ثم الهندية ثم المصرية أفضل الكتاب أحبهم نجيب محفوظ و يوسف السباعي أفضل المغنين عندي الدرجة الأولى عبد الحليم حافظ و أسمهان وكما أميل إلى الراي والراب أحب الشاب حسني والشاب عمرو وكما أحب فرقة الفناير نظرا لإستفاداتي الكتيرة من كلماتهم الوطنية كيد الحنا وقبل أن أختم أبلغ سلامي لأبي العزيز مصطفى وأمي وإخوتي محمد وإسماعيل ولأفراد عائلتي سهام حفصة إلخ وأعلن عن عناوين قصائدي الحلم المفقود الصداقة التي الدموع التوهجة القلب المصدوم والقصص الحائرة الزهور الدابلة قريبا بإدن الله سأ قدمها إلى أحسن مخرجة والماضي الحزين و الإستغالال و أفاعي الليل لقد شبهت البشر الظالم بالأفاعي في هذه القصة أتمنى أن تكون فيلما ناجحا وأنا متأكدة أنها ستعجبكم والروايات زينة الحياة و من القاتل إلخ بقلم منال بوشتاتي

  • منال بوشتاتي
    الجمعة 14 دجنبر 2007 - 01:47

    لكم كامل الشكر لتعاملكم معي ومع جميع المواطنين وهذا يعني منكم الوطنية وحب الوطن ؛و أنا جد فخورة بهذه الجريدة لأني من قرائها مند أن كان سني 15 سنة ، ولهذا أبلغ إليكم سلامي مع إحتراماتي لكم ولقد تفاجأت بنشركم لمقالاتي في موقعكم بقلم منال بوشتاتي وشكرا

  • هشام رامي
    الجمعة 31 غشت 2012 - 18:43

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بما ان هذه الجريدة احسن جريدة عندي فانا اريد ان اعلن عن اخطر مشكل نعيشه في دوار يدعى (دوار جديد) نواحي مدينة الفقيه بنصالح حيث حوالي 400 هكثار من اراضي الجموع تريد السلطات الاستلاء عليها بجماعة الكريفات

  • الخزاري الهادي
    السبت 1 دجنبر 2012 - 09:41

    أشكركم جزيل الشكر لفتح المجال امام الجميع لتعبير عن آرائه وأشكرك لنشر كل المقالات
    اود التعقيب على ماجاء في النص أعلاه يقول صلى الله عليه وسلم الا فستوصو بالشباب خيرا فانهم ارق أفئدة سرعنما يرجعون الى الحق ،فهدا خير منهج يجب اتباعه من طرف الوالدين والمجتمع برمته ،وصدق الحبيب حيث قال تركة فيكم ما ان استمسكتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي و قال أيضاً أدبوا أولادكم على ثلاث خصال حب نبيكم و حب اهل بيته و تلاوة القران اما بالنسبة للانحلال الا أخلاقي والعبارات التي اصبحت تخترق أذهان فلدات اكبادنا فماهو الا حصاد حرث لم تختر بدورها بالشكل الصحيح ،فكيف بكم أيها الآباء تاخدون أبناؤكم مند الايام الاولى التي يرى فيها النور الى المقاهي الاماكن الغير الائقة فماذا تضن انه (ها)يستفيد وهو لازال على الفطرة ،انسيتم قول الحبيب المصطفى :كل مولود يولد على الفطرة فابواه يطهرانه اوينجسانه.
    فلهاد فالأولاد كالأشجار أدا اخترت الارض والتربة الطيبة لغرسها وسهرت على رعايتها من الحشرات الأعشاب الضارة التي تحوم بجانبها و عند تنمو قمت بتقليمها وإزالة الأغصان الزائدة فانك بلا شك سترى ما يعجبك والعكس صحيح. يتبع في القريب انشاء الله

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات