"للا بيت الله" و"الرحالة" .. تراث يصارع الزمن جنوب شرق المغرب

"للا بيت الله" و"الرحالة" .. تراث يصارع الزمن جنوب شرق المغرب
الإثنين 12 ماي 2014 - 06:00

تختزن صومعتا “للا بيت الله” و”الرحالة” الواقعتين بمنطقة أقا (60 كلم عن طاطا) تراثا تاريخيا أصيلا ومتنوعا لمجتمعات وحضارات تعاقبت على الجنوب الشرقي للمملكة المغربية.

وسط واحة لأشجار النخيل ومياه باطنية متدفقة بشكل كبير، تطل هاتان المعلمتان التاريخيتان اللتان تصارعان الزمن من أجل البقاء ومقاومة العوامل الطبيعية رغم مرور قرون عديدة على تشييدهما.

وتتواجد مأذنة مسجد “للا بيت الله”، التي يطلق عليها ساكنة المنطقة صومعة “أم حسان” لتشابهها مع صومعة “حسان” بالرباط، بجانب مسجد عتيق بدوار قصبة سيدي عبد الله امبارك. وتكسو هذه المعلمة الدينية، التي يطلق عليها ساكنة المنطقة أيضا اسم “اكادير امغار”، ويصل ارتفاعها لحوالي 9 أمتار، زخرفة تزين واجهاتها الأربع.

ورغم عوامل التعرية والتلف البادية على هذه المأذنة، فان جزء مهم منها لا يزال منتصبا بها رسومات هندسية رائعة أبدعها رجالات ذاك العصر الزاهر باستعمال مواد تقليدية مكونة من الطين المطبوخ والحجر وتؤرخ لتاريخ المغرب العريق وللفن المعماري والحضاري الذي خلفه الأجداد.

وحسب بوجمعى تضومانت وهو مهندس مهتم بالتراث باقليم طاطا فان المعطيات التاريخية والحفريات الأولية التي أجريت بالمنطقة تشير الى أن هذه المعلمة التاريخية يعود تاريخ بناءها الى عهد السعديين، حيث كانت زاوية سيدي عبد الله امبارك أحد الدعائم الرئيسية للدولة السعدية بالجنوب المغربي.

وبالنسبة الى صومعة “الرحالة”، أشار السيد تضومانت الى أنها تشبه في هندستها المعمارية صومعة “الكتبية” بمراكش وتقع بدوار “الرحالة ” بأقا وتعد من بين المعالم الدينية التي تعكس براعة وروعة الهندسة المعمارية للمجتمعات والحضارات التي تعاقبت على المنطقة.

وتعكس هذه المنارة الدينية، التي يصل علوها لحوالي 27 مترا نسق فريد في التشييد والبناء التقليدي القديم.

ومن جهته أكد رئيس جماعة قصبة سيدي عبد الله امبارك بأقا السيد حسن ايهيري في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء، أن صومعة مسجد “أكادير أمغار” المعروفة أيضا بصومعة مسجد “للا بيت الله” تعتبر من المآثر التاريخية العريقة والنواة الأولي لاستقرار ساكنة أقا منذ عهد السعديين، مبرزا أن الشطر الأول من الحفريات وعمليات ترميم مسجد وصومعة “للا بيت الله” أثبتت أن الطابع المعماري لهذه المعلمة يحاكي بشكل كبير صومعة “حسان” بالرباط.

وقال إن جماعة سيدي عبد الله امبارك حريصة على الحفاظ على هذا الموقع التاريخي و الحيوي الذي يمكنه أن يساهم بشكل فعال في تشجيع السياحة الواحاتية خصوصا وأن الصومعة تقع وسط واحة تجري بها 10 عيون لمياه عذبة.

وبالنسبة لصومعة “الرحالة”، أشار الى أن أغلب المؤشرات والروايات الشفهية حول هذه المعلمة تؤكد على أنها شيدت في عهد المرابطين بطراز معماري مشابه لصومعة “الكتبية” بمراكش، داعيا في هذا الصدد الجهات المعنية الى إيلاء المزيد من العناية والاهتمام بهذه المنارة التي لم تستفد من عملية الاصلاح و الترميم.

ووعيا منها بأهمية ايلاء أهمية كبيرة للتراث القروي بإقليم طاطا، بادرت مديرية التراث الثقافي (وزارة الثقافة) بشراكة مع جماعة سيدي عبد الله امبارك ومنظمة التعاون الدولي جنوب-جنوب غير الحكومية إلى ترميم مسجد وصومعة “للا بيت الله”.

وتروم هذه العملية جمع المعطيات التاريخية تحت إشراف أربعة أركيولوجيين ويتعلق الأمر برئيس قسم المتاحف محمد بلعتيق ومحافظ موقع وليلي مصطفى أتكي وأستاذ الأركيولوجيا الاسلامية أحمد الطاهري وأستاذ التاريخ والأركيولوجيا الاسلامية عبد الله فيلي. كما تشرف المهندسة سليمة الناجي من جهتها على اشغال ترميم المسجد وبناء جدار وقائي لحماية الموقع في ظل احترام الطابع التاريخي للمعلمة.

وتهدف أيضا عملية ترميم ورد الاعتبار لهذه المواقع الأثرية المتواجدة بأقا الى الكشف عن معلومات تاريخية ذات أهمية كبرى بالنسبة للتاريخ المحلي والجهوي والعمل على جعل هذه المؤهلات التاريخية رافعة لتنمية مندمجة وشاملة بالإقليم.

*و.م.ع

‫تعليقات الزوار

7
  • Hamid US
    الإثنين 12 ماي 2014 - 07:30

    إنه المغرب غير النافع، لولا فرنسا لما وصلت هذه المنطقة طريق معبدة. شكراً فرنسا، مع أني اكره المستعمر، لكنها كلمة حق تقال عرفاناً بالجميل.

  • abdoulah
    الإثنين 12 ماي 2014 - 08:30

    تاريخ المغرب الّذي تمحوه عوامل الطّبيعة . نعم إنّه حال حضارتنا وتُراثنا وثقافتنا المترسّخة في هذه المعالم الأثريّة المُهملة والمُهمّشة والمنسيّة تماما والّتي لا يُرصد لها درهمٌ واحد لترميمها وإعادة تأهيلها في السّياحة الثّقافيّة والأعمال السّنمائيّة ، كما هو الحال في العديد من الدّول الغربيّة الّتي رمّمة القصور القديمة وفتحتها للإستغلال الفنّي ولعقد مؤتمرات ثقافيّة وندوات فكريّة وإستغلّت بعضها الآخر كمعارض للّوحات الفنّيّة الأثريّة والحديثة .

  • mounir
    الإثنين 12 ماي 2014 - 10:28

    Inventaire, étude, restauration et publication pour les monuments de Tata et Akka . Bravo direction du patrimoine culturel (ministère de la culture)

  • بشار
    الإثنين 12 ماي 2014 - 10:29

    لقد اورد إسم عبد الله بن مبارك خلال تراث يصارع الزمن جنوب شرق المغرب ياترى من يكن هذا الشخصية الشريفة أحد الدعائم الرئيسية للدولة السعدية بالجنوب المغربي، أفيدونا من عنده معطيات تنويرية الصحيحة بإعطاء نبذة عن الحياته لهذا الشخصية من أين أتى حتى إستقر في هذه المنطقة ولكم جزيل الشكر والتواب .

  • Marwane
    الإثنين 12 ماي 2014 - 12:43

    لقد اورد إسم عبد الله بن مبارك خلال تراث يصارع الزمن جنوب شرق المغرب ياترى من يكن هذا الشخصية الشريفة أحد الدعائم الرئيسية للدولة السعدية بالجنوب المغربي، أفيدونا من عنده معطيات تنويرية الصحيحة بإعطاء نبذة عن الحياته لهذا الشخصية من أين أتى حتى إستقر في هذه المنطقة ولكم جزيل الشكر والتواب .

  • ذ/ أبو أنس
    الإثنين 12 ماي 2014 - 16:58

    سلام , مدينة أقا / أو دوار أقا /أو قرية أقا , منطقة جدير بها أن تكون في مصف شبيهاتها [ جغرافيا و إيكولوجيا ] وأعني بذلك كل من ورزازات وزاكَورة وغيرهما , إلا أن أقا ـ رعاها الله ـ عرفت التهميش [ الحكَرة ] , ولست أدري أكان ذلك من أهلها الذين رضوا بالدناءة ؟ أم أنه أريد لها أن تكون كذلك ؟ أم أن ذلك كان قدرها ؟ وعلى كل حال فجميع الدواوير المكونة لهذه القرية الرائعة عرف أهلها بأنهم حملة كتاب الله تعالى حفظوها حفظا متقنا , وفي مقدمة هذه الدواوير أذكر ثلاثة : توريرت / تكَاديرت / إرحالن
    وكما أشرت أن المنطقة مهمشة أستدل لذلك بمثالين أحدهما يمس الجانب الاجتماعي والآخر الجانب الاداري . أما الاول فأقا كانت تجوب دواويرها وعبر قرية "إيميتك" حافلة " ساطاس " ثم استقر أمرها بمركز " القشلة " لكن الحافلة الآن اتخذت أقا منطقة عبور فقط فإن جاءت ملئى من طاطا لا تقف بأقا البتة . أما من الناحية الادارية فدواوير أقا الآتية : تاكَاديرت / توريرت /إرحالن / أيت رحال / القصبة / الزاويت هذه تابعة لقيادة أيت وابلي وهي بعيدة عنها بـ41 كلم فلماذا هذا التقسيم الاداري هكذا ؟ أما الذي يسأل عن التاريخ فعليه بالاستقصاء

  • طاطاوي
    الإثنين 12 ماي 2014 - 21:31

    نحب كثيرا وطننا الجميل ونحب طاطا ونغير على حضارتنا وثقافتنا غيرة منقطعة النظير.شأننا في ذلك شأن كل طاطاوي آخر لذلك ترانا ننتظر الفرصة فقط للإدلاء بآرائنا وتعليقاتنا رغبة في رد الإعتبار لهذا الإقليم المنسي والمهمش.والذي يزخر بمواقع ومؤهلات تاريخية وطبيعية جمة ينتظر ما تبقى منها إلىمن يحميه ويرد له الإهتمام.ونخص بالذكر الجهات المسؤولة في الإقليم.من هذا المنطلق فطاطا مهد للحضارات لكن هذا المهد تحول إلى مقبرة بفعل تعنت المسؤولين بالرغم من أن المقبرة تستدعي منا الإهتمام لأنها تحتوي على أرواح كانت غالية علينا.من هنا أدعوا أصحاب الضمائر الحية آلى التحرك العاجل والفوري لإنقاذ أطلال إقليمنا الغالي.

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات