مصادقة البرلمان الأوربي على اتفاق الصيد مكسب دبلوماسي للمغرب

مصادقة البرلمان الأوربي على اتفاق الصيد مكسب دبلوماسي للمغرب
الجمعة 13 دجنبر 2013 - 00:23

على الرغم من التحركات الدبلوماسية المكثفة للجزائر والبوليساريو في البرلمان الأوربي صادق هذا الأخير خلال جلسة عامة، بستراسبورغ، على البروتوكول الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

وكانت مسألة تعطيل التوقيع على الاتفاقية تشكل جزء من الصراع الإقليمي الجزائري – المغربي، والذي يقضي تكتيكيا بحصار المغرب سياسيا في ملف نزاع الصحراء عبر خطة ملف الثروات الطبيعية للصحراء وقضية حقوق الإنسان.

ولمراهنة الخصوم على العائدات السياسية والدبلوماسية في ملف الصحراء لو تم تعطيل هذه الاتفاقية، فإن المغرب يكون قد ألحق بالبوليساريو والجزائر هزيمة دبلوماسية قوية ستفك الكثير من الادعاءات الأخرى والمعروضة على المحكمة الأوربية وخاصة مضامين تنفيذ مكونات الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والإتحاد الأوربي وستفتح الباب مشرعا لزيادة تطوير العلاقات المغربية الأوربية في عدة مجالات أخرى.

وحيث إن الاعتراض على الاتفاقية يعد عقدة في منشار العلاقات المغربية الأوربية استراتيجيا تركزت التحركات الدبلوماسية الجزائرية والبوليساريو على الفضاء الأوربي لكسب ورقة سياسية لها تداعيات لصالح أطروحتهما الانفصالية. ولذلك لم يكن بد أمام الدبلوماسية المغربية من العمل على تجديد الاتفاقية لتجاوز نكسات الشق السياسي في الاتفاق وخوفا من أن يشكل ذلك تداعيات دبلوماسية على موقفه التفاوضي في نزاع الصحراء وصفها الملك بالتطورات الحاسمة في ملف الصحراء.

ويعد التوقيع على اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي انتكاسة حقيقية لدبلوماسية الجزائر والبوليساريو، ذلك لأنه على الرغم من الحملة الدعائية التي خصصت لها الجزائر عائدات بترولية ضخمة للتأثير في موقف البرلمان الأوربي، فإن المغرب سيكسب موقفا سياسيا قويا يعزز سيادته وإدارته الترابية على أقاليم الصحراء وينهي مزاعم استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء. وبالتالي فإن الأسس القانونية لهذا الاتفاق ستحكم مواقف الدول الأوربية فيما يتعلق بقضية الصحراء.

ويزداد احتقان البوليساريو بعد التحرك الإسباني لدعوة البرلمان الأوربي إلى التوقيع على الاتفاق الذي تدينه الجبهة. وحيث إن التوقيع على اتفاق الصيد البحري لا يستثني الأقاليم الجنوبية هو بمثابة تثبيت لسيادته الترابية على الأقاليم الجنوبية والتي تم توثيقها من قبل اغلب منظمات حقوق الإنسان العالمية والإفريقية. فلم يبق أمام الجبهة غير اتهام الإتحاد الأوربي بكونه متواطؤ مع الاحتلال المغربي وذلك بتشجيعه لعدم الاحتكام لقرارات الشرعية الدولية”.

والحق أن البوليساريو والجزائر ليست لهما اليوم من دفوعات موضوعية للاعتراض على اتفاق الصيد البحري غير استغلال ورقة حقوق الإنسان وإن يكن ذلك يزيد من ضغوطات حقوقية على المغرب تدفع به إلى مزيد من الإصلاحات الحقوقية والسياسية، فإنه يختزل دور البوليساريو من تنظيم سياسي يدافع عن قضايا حقوق الإنسان في المغرب.

كما أن جوهر الخلاف المغربي الأوربي الذي أخر التوقيع على البرتوكول لم يكن ذا طبيعة سياسية فحسب كما يحلو أن تروج لذلك وسائل إعلام الجزائر ولكن لإشكالات اقتصادية وبينية أثناء التفاوض، ذلك أن المغرب كان يطالب بالرفع من قيمة التعويض وهو ما حصل بأن ارتفع من 36 مليون أورو إلى 40 أورو، مع تقليص عدد البواخر من 137 إلى 126 باخرة أوروبية كما كان عليه الحال في البروتوكول السابق بما لا يؤثر على الثروة السمكية بالشواطئ المغربية.

إلا أن هذا الانتصار الدبلوماسي المشروط يبقى كسيف ديموقليس المعلق فوق رأس المغرب، لأنه من جهة سيطعن فيه قضائيا من لدن البوليساريو والجزائر، ومن جهة ثانيا سيخلق مناخا سياسيا للبوليساريو والجزائر داخل الدول التي تحفظت على الاتفاق كالسويد وبريطانيا وهولندا والدنمرك وأيرلندا وألمانيا، مما قد يتيح لأطروحة البوليساريو بالتغلغل أكثر في الخطاب السياسي للاتحاد الأوربي.

ولأن المدخل القانوني يكاد يكون قد استنفذ بعد إقرار الخبراء القانونيين الأوربيين شرعية الاتفاق مع المغرب باعتبار سيادته الترابية والقانونية على الأقاليم الجنوبية، مما زاد الدبلوماسية الجزائرية ودبلوماسية البوليساريو احتقانا قويا ترجمته بالمناورة السياسية للتشويش على اتفاق الصيد البحري عبر تحريك انفصالي الداخل واستصدار موقف منظمة الإتحاد الإفريقي الذي دعا البرلمان الأوروبي لعدم المصادقة على الاتفاقية.

وبتصويت لجنة الصيد البحري بالبرلمان الأوروبي ببروكسيل لفائدة المصادقة على بروتوكول الصيد البحري الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي، فإنه لم يعد أمام دخول بروتوكول الصيد الجديد حيز التنفيذ غير استيفاء المساطر الداخلية الضرورية لدى الجانبين، مصادقة البرلمانيين الأوربي والمغربي عليه في الشهر الجاري.

كما يشكل الاتفاق عملية دحض واقعية للدعوة القضائية التي تقدمت بها جبهة البوليساريو إلى المحكمة الأوربية لوقف تنفيذ بنود الاتفاقية الفلاحية بدعوى تضمنها بيع منتوجات فلاحية من الصحراء في السوق الأوربية. ولذلك فإن الإتحاد الأوربي وبعد توقيعه على اتفاق الصيد البحري سيوقع أوتوماتيكيا على باقي مضامين الاتفاقية الفلاحية. وهو ما سيجعل ادعاءات البوليساريو باطلة وغير ذات جدوى داخل الفضاء الأوربي.

* باحث متخصص في قضايا الصحراء والشؤون المغاربية

‫تعليقات الزوار

2
  • امحمد
    الجمعة 13 دجنبر 2013 - 11:35

    اين اصدقاء المغرب في الاتحاد الافريقي لمادا تصدر قرارات معادية لنا باسمهم

  • marrueccos
    الجمعة 13 دجنبر 2013 - 12:03

    قرص ذاكرة حكام الجزائر الصلب كما صنيعتهم البوليساريو لا يحتفظ بالمعلومة إلا لجزء من الثانية وبعدها لا شيء ! هذه ليست الإنتكاسة الأولى للديبلوماسية الجزائرية في قلب مؤسسات الإتحاد الأوربي ولن تكون الأخيرة ! وستعاود السقوط في أي إختبار جديد كما حصل في مجلس الأمن حيث حاولت الجزائر توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان ففشلت !!!!
    حكام الجزائر أذكياء أغبياء ! أذكياء لنجاحهم في بناء حفر للديبلوماسية المغربية ! وأغبياء لكونهم أول من يسقط داخلها !!!!!!!!

صوت وصورة
حرق علم إسرائيل أمام البرلمان
السبت 30 مارس 2024 - 00:44

حرق علم إسرائيل أمام البرلمان

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | المنصور الذهبي
الجمعة 29 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | المنصور الذهبي

صوت وصورة
الحوار الاجتماعي والزيادة في الأجور
الجمعة 29 مارس 2024 - 22:00

الحوار الاجتماعي والزيادة في الأجور

صوت وصورة
رمضانهم | المسلمون في السويد
الجمعة 29 مارس 2024 - 22:00

رمضانهم | المسلمون في السويد

صوت وصورة
المدينة القديمة | الرباط
الجمعة 29 مارس 2024 - 21:00

المدينة القديمة | الرباط

صوت وصورة
بنك “CIH” يطلق خدمة “Google Pay”
الجمعة 29 مارس 2024 - 18:16

بنك “CIH” يطلق خدمة “Google Pay”