قمرانِ وتسعُ شموس

قمرانِ وتسعُ شموس
الخميس 18 غشت 2022 - 19:27

ــ أ ــ

الآنَ…

ــ الفارسُ كيفَ ينازلُ تسعَ شموسٍ

كي يبقى القمَرُ المتنوّرُ

ندّاً لشمسٍ واحدة؟

ــ هذا قمرٌ

لا يبتهجُ

إلا ليلاً،

قبل أن يختفي خلفَ نافورةِ الشّمسِ كلّ نهارْ،

يتنهّدُ تنهيدَةً تمتدُّ بين فجرٍ وغروب

يذبُلُ خلفَ جدرانِ التّعَبِ،

يبحثُ عن تلويحةٍ

يرسمُها غدٌ ملتبِسٌ على خدّ الرّيحِ

بعيداً عن بساتينَ تشِمُها الأنهارْ،

تحرّرُ من قيدِ المعلومِ خيالْ

تغفو النّجومُ على أكمامِ ترانيمِهِ…

ــ ب ــ

كيف ينجو عاشقٌ منْ صبواتِ قمَرٍ؟

كيف كانتْ منذُ ستّينَ عاماً

ساحةُ “البُرْجِ” المغبرّةُ… أتذكّرُها،

أتذكّرُ

الحكواتيّ وسط الحلقة يحكي

لنا نحن صغارَ الحيّ الصّاخبِ

عن قمرٍ

نمى إليه ليلةً أنينُ طفلينِ

جارَ عليهما اليُتْمُ،

وظلا يحتميانِ بجسْرٍ من قرٍّ شتْويِّ الأنيابْ

تحت رحمة الهوامّ على مرأى من أرانبَ وعنادلَ،

على مسمعٍ من حجَرِ

وأقحوانٍ يلوّنُ بالآلامِ خريرَ النّهرِ…

منذئذٍ، والمكارمُ مزهوّةٌ بالتباساتها،

ما انفكّتِ المسافاتُ

تتقلّصُ بين الأرضِ والسّماء،

ما انفكّ القمرُ

يزورُهما ليلاً على سجّادِ نَغَمٍ

يعمُّ ضوؤُهُ الخرابْ

ويملأ الصّحونَ الجائعة

منّاً وسلوى وشرابْ.

ــ ج ــ

كيف ينجو عاشقٌ من همساتِ القمرِ؟

منذُ سبعين عاماً ونيِّفٍ،

جدّتي كانتْ تحكي في الليل لنا

تحتَ ضوءٍ خجولٍ عسانا ننام

قصّةَ طفلةٍ حسناءَ اسمُها ميساء

ضَلّتْ في الغاب طريقَ العودةِ للأيكِ…

أخذتْ تبكي

لما بدأتْ تلتفُّ على عينيها والعُنُقِ المخنوقِ

حبالُ مسالكَ حالكةٍ

تتشابكُ أشجارُها بالشّوك وبالعلّيقْ.

لم يبقَ لها لوحٌ في لجّ البحرِ الهائج،

لما اِستلّتْها

من صخرة ظلمتِها

أسرابُ حمامٍ أرسلَها قمرٌ…

مُذّاك…

جدّتي في المصايفِ ظلّتْ

تطرّزُ أرجوحةً بأشعّتِهِ الذّهبيةِ ترقصُ

في عرصاتِ توقّعِها المستهامِ ذهابا

وتنشدُ ما قد جنتْهُ من الرّوض من ثمراتٍ إيابا.

بغمزِهِ ترْفو لحافاً لأحلامِ كلّ حفيدَهْ

في الشّتاء الممدّدِ

فوق طنافسِ أسلافِهِ،

وتقطّرُ فرحَهُ بين الجفونِ الشّريدَهْ.

ــ د ــ

باختصارٍ شديدٍ، كان القمرْ

وعدَ كريمٍ للغريبْ،

هل يُفقر بهجةَ القمرِ

قنديلٌ ينوّرُ خمّاً؟

أكرمْ به شلالا من نورْ

يمتدّ في هديره الرّطيبْ

مزالقَ حالمةً لأنجمٍ تخفرهُ

نحو كوخٍ تلفّعَ بالدّيجورْ.

واحةً كان القمرُ

نخيلُها يبرز فجأةً

أمام ضالّ في الصّحراء،

أغنية تمتد جسرا من حرير بين قلبين عاشقين

واحد في الغيبِ نقطةٌ مضيئة وراء الغيب كامنة،

والآخر حضور خارقٌ

في لجّةٍ من النّسيان داجنة…

ــ ه ــ

وأنا؟

ماذا أحكي في خريفِ العُمْرِ الماحلِ للأحفاد؟

تعدّدتِ اليومَ الأقمارُ،

وضاعتْ في زَخَمِ العين الصّورُ،

هل أحكي عنْ قمرٍ قد أفسدَ طلعتَهُ البشرُ

باع في الأسواقِ نفيسَ خلاخيلِهِ

لقنابلَ ترقصُ في الأحراج

وفي الطرقاتِ على إكليلِ تهاليلهِ؟

أم أحكي عن قمرٍ يمتصُّ

جداولَهُ الشّيطانُ ويعتورُ؟

عذراً يا قلباً يقلي نبضاته في هاوية الغضبِ،

قمرٌ يختفي خلف رعبِ غُزاتهِ،

هلا يفيء صبيٌّ لخصلاتِهِ الذهبيةِ

بين سدوله

وهْوَ يجرُّ خُطاهُ من التّعَبِ؟ …

وحفيدي الذي لم يَرَ النّورَ بعدُ

يهيّيءُ قصفةَ زيتونٍ

ويريدُ كأقرانِهِ قمَراً في الظلامِ يُعيرُهُ أجنحةً

ليحلّقَ فوق قلاعِ السّلامْ…

قمري… آه يا قمرَ الأحفادِ

يكابدُ حلمُكَ غصّتهُ صامتاً،

أيحوكُ حكايتكَ الجرحُ

(حين تؤرقُهُ في ليالي الصقيعِ حديقةُ شعرٍ

تخرّبها النارُ يحرقها الحقدُ

وفقَ مزاج البنادقِ إن شاقها خدرُ اللعبِ)،

عن عقولٍ تجدُّ سنينَ لتُخضع نبعاً

للعلعة النّار في الغاب،

رعدُ السّماءِ يباركُ إيقاعَهُ صولةُ الرّهَبِ.

ــ و ــ

والآن هل يقتلُ الفارسُ في الحرب شموساً

كي يبقى القمرُ المتنوّرُ ندّاً لشمس واحدة؟

وحين يفرّق الدّمُ المهراقُ بين الحبيبين،

هل توحّدُ إيقاع القلبين أناشيدُهُ وهما يصعدانِ بهاءَهُ؟

“هو يي” في خندقٍ بين طيفٍ مضيءٍ والضّياء،

و”تشانج” في حضن غيمةٍ تحت ضوءِ القمرِ

تحلّقُ بين الأرض والسماء…؟

الطّريقُ إليه مهاوٍ سادرةٌ في ناصية اللهبِ،

هل غلّق بالكبريتِ ينابيعَ سلسالها غيبٌ،

واختار جهنّمَ تُتخمها أكوامُ الفضّةِ والذهبِ؟

أصيلة في 10 غشت 2022

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات